محمد الأحمدي

التعليم الذكي يخفف العبء التدريسي

الثلاثاء - 06 أكتوبر 2020

Tue - 06 Oct 2020

ساهم النمو الرقمي في تطوير العملية التعليمية عبر الأزمنة المختلفة، حتى بدأت مرحلة التعلم الذكي الذي يحقق مقاصد أسمى من التعلم عن بعد رغم اعتماده عليه. ففي الحقيقة، لا يسمى كل تعلم عن بعد تعلما ذكيا، فقد يكون التعلم عن بعد تعلما تقليديا اختلفت وسيلة إيصال الرسالة فيه فحسب.

ومع هذه التطورات نحو إعطاء التقنية سلطة في خدمة الأهداف التعليمية فإن التعلم الذكي يسهم في خدمة المعلم، والمتعلم، وتحديث المحتوى، ونشر التعلم حتى في خارج النظام التعليمي، والاستثمار في منتجات التعلم الذكي، والأهم من ذلك، تقديم تقارير إنجاز المتعلم منذ دخوله المدرسة حتى تخرجه فيها بشكل متجدد وتلقائي. فالعملية لا تتطلب جهد المعلم في إدخال الدرجات، ولا اختبارات الساعة الواحدة التي تقيس المهارات في مرحلة متأخرة فيصنف الطلاب وفق نتائجها. فالتراكمية صفة في اكتساب المهارات والمعارف، ويحقق ذلك التقييم الذكي الذي يأتي في ثنايا البرامج التعليمية الذكية التي تحفز المتعلمين على التعلم، وتعطيهم صبغة ترفيهية، وتلبي الرغبة الالكترونية الجامحة لاستخدام البرامج التفاعلية الرقمية في الجيل الذي استبدلت القلم بلمسة الأصبع في صناعة المعرفة.

ومن جانب آخر، سجل التعلم الذكي يقدم سيرة ذاتية تعليمية للمتعلم عبر مراحل تعلمه المختلفة. فعلى سبيل المثال تشتمل سيرة المتعلم على نموه في الفهم القرائي والعمليات الحسابية، والتفكير النقدي، والمبادرة والدافعية عبر حياته التعليمية كاملة، فيكون كالأشعة المقطعية للتاريخ التعلمي للطالب والطالبة. هذه المسألة تقوم بها برامج ذكية، وفق معطيات الأهداف التعليمية التي تديرها مؤسسات التعليم. كما يمكن للمؤسسات العليا كالجامعات والكليات، وسوق العمل، حتى أصحاب الصلاحية؛ الاطلاع على سيرة الفرد التعليمية، ومعرفة جوانب القوة والضعف عبر التاريخ التعليمي.

وأورد مثالين لتفعيل البرامج الذكية في التعليم، أولهما برنامج دعم القراءة الذكي، فدور القراءة الواعية وغرس قيمتها، وتنمية مهارات التفكير النقدي والتحليل النصي، وسبر أغوار المحتوى؛ ينشئ جيلا يفكر فيما يقرأ، ويناقش ما يسمع، ويعي ما تحمله الألفاظ من مدلولات، ثم يتشكل تفكيره، وتصنع هويته المتفقة مع ما خطط له من أهداف.

بالإمكان تقسيم البرنامج إلى مستويات تتفق مع المراحل العمرية، فبعد إتقان القراءة في الصف الأول يعطى الطالب كتبا قرائية متفقة مع مستواه التعليمي لقراءتها مدة زمنية، ثم اختبار مستوى إدراكه وفهمه باختبار فهم قرائي. وفي نهاية العام الدراسي يحقق الطالب في خزينته القرائية مخزونا كبيرا من الكتب المصرح له بقراءتها، وتتم مراجعة عمره القرائي وفق مستوى أدائه في الاختبارات الذكية السريعة.

كما أنه يتضح من هذه العملية مراجعة ما يطرح للقراءة من قبل واضعي اختبارات الفهم القرائي، بقراءتها وكتابة الأسئلة المناسبة لها، للتأكد من المحتوى المقروء جوهريا.

لا أغفل هنا دور المكتبة المدرسية، سواء كانت رقمية أو ورقية التي تصنف وفق مستويات القراءة للطلاب بدلا من تصنيف ديوي. فكل مستوى قرائي يشتمل على 100 كتاب يفضل للطالب إنجازها في السنة الدراسية إذا لم ينتقل إلى مستوى أعلى بتطور مستواه القرائي.

ثم يأتي البرنامج الذكي للعمليات الحسابية كمثال ثان يحقق ديمومة التعلم، فمهما قدم المعلم من جهد لتدريس هذه العمليات يبقى محصورا في زمن الحصة، وبالعطاء الشخصي، ولكن ربطها ببرامج ذكية دائمة مع المتعلمين يسهل عليهم التعلم بالترفيه، ويسهم في إشراك ولي الأمر في العملية التعليمية المنزلية.

تتيح البرامج الذكية التنافسية اللا محدودة بين المتعلمين من خلال التفاعل مع الأقران، والمصرح لهم من قبل مكاتب التعليم بالتنافس، وهذا يرفع التنافس الرقمي الذكي بين المدارس والمعلمين، والمتعلمين، ودون جهد ميداني، إنما بإتاحة التفاعل الذكي لتصبح منصة تفاعلية ترفيهية خارج أوقات الدوام الدراسي.

إن تفعيل مثل هذه البرامج يخفف العبء عن المعلم داخل الفصل الدراسي، ويعطي دقة في التقييم، ومتابعة قصور الطلاب الذين يواجهون صعوبات في تحقيق التقدم المنشود في الأهداف التعليمية بإعطاء التقنية الذكية دورا أكبر في خدمة الأهداف التعليمية، ومتابعة النمو التعليمي للمتعلمين في حينه. ويحل سجل التعلم الذكي كبديل للسيرة الذاتية، وللاختبارات التحصيلية والقدرات للمتعلمين.

@alahamdim2010