علي المطوع

حضرت الدراسة وغابت المدرسة

الاحد - 06 سبتمبر 2020

Sun - 06 Sep 2020

* حضرت الدراسة وغابت المدرسة بكل تفاصيلها المعروفة لتحضر التقنية وأغراضها وأعراضها الجانبية وصداعها المستمر للجميع، إنه زمن كورونا الجاد والمستجد.

* صاحب استعدادات الأسر للعام الدراسي الجديد شيء من الخوف والقلق، المحاضن التعليمية من مدارس وإدارات تعليمية وقفت عاجزة عن استيعاب هذا المتغير الجديد، بدءا بتحديد موعد عودة الدراسة، وهل تعمل المدارس أم يستعاض بالتقنية للوصول إلى الطلاب في منازلهم؟، إنه زمن كورونا الذي عدل وبدل.

* في منزلي الصغير ومثل كل أب تشاركه أم قلقة على مستقبل أبنائها، انتابتنا لحظة فزع فارقة، غارقة في التفاصيل المملة، تمثلت في مسؤوليتنا الكبيرة (والمستجدة) في توفير التقنية ومحاولة تطويعها فهما ووسيلة لأبنائنا وبناتنا الذين صدمهم الحال وجعلهم الجيل الأول الذي يدرس من البيت بعد أن كان أسلافهم يدرسون في المدرسة، إنه زمن كورونا زمن الخوف والفزع.

* قبل أن تعلن وزارة التربية والتعليم شارة بدء عامنا الدراسي الغريب والعجيب، كان المجتمع في حراك اجتماعي وجدل ثقافي على وسائل التواصل الاجتماعي، ملخصه كيف نبدأ هذا العام الدراسي؟، وهل سنبدأ في الموعد المضروب قبلا من قبل الوزارة، أم إن هناك مفاجآت قادمة ينبغي جعلها في الحسبان وحسابها، وهذا يتطلب إعادة تموضع أفكارنا المؤسسية والجمعية بما يتواءم ويتلاءم مع هذا الظرف الصحي الخطير الذي أحال العملية التعليمية إلى إصدار جديد في التعلم والتعليم، كيف لا وما قبله شيء وما بعده شيء جديد؟، إنه زمن كورونا زمن الخلاف والاختلاف!.

* وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات وجدت نفسها فجأة في الحدث مسؤولة ومتهمة عن حالات الإخفاق التي صاحبت الإنترنت، فالسرعة بطيئة، وفي بعض النواحي والهجر الخدمة تكاد أن تكون معدومة، وأسعارها وأجهزتها مطروحة للنقاش كون المرحلة مفصلية في حياة الطلاب وأسرهم، ووزارة التعليم تجد في إخفاق الاتصالات متنفسا وفرصة لالتقاط الأنفاس وتوزيع المسؤوليات والإخفاقات، كون المرحلة غريبة وعجيبة، شيء واحد اتفقت عليه الوزارتان، هو البطء في التعاطي مع المرحلة وأساليب معالجة أخطائها، ولم العجب فالزمن زمن كورونا المنفصل والمتصل!.

* وزارة الصحة مبتعدة عن هذا الجدل، فليست مسؤولة عن المدارس وليست معنية بالطلاب في منازلهم، كون الإشكال تعليميا أولا وأخيرا، والمرض ينحسر والأرقام تدعو للتفاؤل، فمعدل الإصابات والوفيات يتناقص وحالات التشافي ترتفع ومعنويات منسوبيها تزدهر من جديد، كون الظرف التعليمي الصاخب الساخط وما صاحبه من تغيير جعل الصحة في هذه المرحلة تتوارى قليلا خلف التربية والتعليم وتداعيات البعد الجديدة، إنه زمن كورونا الذي يغير التراتبية في كل شيء.

* أما المعلمون فهم الأكثر هدوءا في هذه المرحلة، فكورونا أزاحت عنهم عبء مجيء الطلاب إلى محاضنهم التقليدية (المدارس)، والتعليم عن بعد فكرة جديدة تحتاج زمنا ليألفوه وسيلة ويألفهم كمستخدمين، وأولياء الأمور في منازلهم يعانون مرارات التقنية وضبط الأبناء والبنات وتوفير مستلزمات هذا التعليم القادم من بعيد، والتي صدمتهم تفكيرا وتجهيزا وكلفتهم مالا كثيرا ووقتا أطول لمراقبة فلذات أكبادهم ومتابعتهم بعد أن كانت المدرسة هي المكان الذي يحتوي العملية التعليمية كاملة والمعلم هو المسؤول الأول عن التربية أولا والتعليم ثانيا، إنه زمن كورونا الذي رفع فئات وظيفية وتناسى أخرى.

* بقي شيء أخير، ما عسى وزارة التعليم فعله في المرحلة القادمة؟، فالتجربة أثبتت أن الوزارة كانت مرتبكة كثيرا وكانت قراراتها متأخرة أكثر، والارتجالية كانت تؤطر جل مبادراتها، قد يكون لها عذرها كون المرحلة استثنائية في كل شيء، لكن البطء الشديد والتردد الأشد كان ملموسا ومشاهدا على الرغم من أن الفترة الزمنية الطويلة التي سبقت ما نحن فيه كان متاحا لها ولمنسوبيها التعاطي معها بشكل أفضل وأسرع وأكثر إيجابية، إلا أن ذلك لم يحدث، فالتعليم لا يحتمل التجارب والأسر في بيوتها تعاني مرارات هذه التجربة وما تمخض عنها من ارتباك شاب العملية التعليمية وجعلها مهزوزة في نظر المجتمع الذي كان ينتظر من وزارتها أداء أفضل وحلولا أنجع لمرحلة الجميع يتفق على صعوبتها لكنها تظل أزمة يجب الخروج منها بالكثير من الدروس والتجارب الناجحة.

إنه زمن كوفيد المستجد الذي فرض علينا التباعد والحذر وصادر كل أشكال القرب، حتى التعليم في زمنه صار عن بعد.

@alaseery2