دلال العريفي

الطالب.. الشريك المنسي

الاثنين - 31 أغسطس 2020

Mon - 31 Aug 2020

بدأت الدراسة من جديد، ببداية لا تشبه البدايات السابقة. بدأت الدراسة ولم تبدأ المدرسة.

واستفتحت العملية التدريسية عن بعد وعبر وسائل افتراضية جاهدت الوزارة واجتهدت لتقدمها بيسر وسهولة تضمن نجاح التعليم، واستمرار التعلم من خلال منصات وقنوات تعلم وتطبيقات ومراكز دعم، ومتابعة متواصلة من القادة والأساتذة وأولياء الأمور وجهات كثر.

وهل هناك من لا يهتم بأمر التعليم وتعلم الطالب؟ هذا الطالب الذي ظننا طويلا أنه المحور الأساس في العملية التعليمية.

المحور الذي من أجله ومن أجل تعليمه تستنفر الجهود وتجيش الطاقات.

هذا الطالب الذي يمثل نقطة الهدف للوزارة بكافة إداراتها ومواردها. قد نتفق اليوم أنه في الوقت الذي نتحدث فيه عن أهمية الطالب بصفته المحور والشريك الأول، نسينا أنه ينبغي أن يكون محورا حقيقيا، وشريكا قويا في تعلمه واكتساب تحصيله.

نسينا أنه ينبغي علينا التوقف عنده وسؤاله عن نواياه ورأيه وتوقعاته وحاجاته ومخاوفه واتجاهاته واهتماماته! ومثل هذه الأسئلة - عزيزي القارئ - ليست بحثا عن فلسفة تعليمية أو نفسية أو اجتماعية، إنما هي تساؤلات عميقة تذكرنا بالحاجة الدائمة إلى إعادة اكتشاف المعنى الحقيقي للتعلم عند الطالب، وعلى استثارة المحفزات الداخلية له للتعلم، والتثقف الشخصي، خاصة في عصر التعلم عن بعد، حيث لا مصادر محدودة للتحصيل العلمي، ولا حدود للبحث عن المعرفة.

ما نخشاه اليوم أنه ربما أصبح هذا الطالب «الشريك المنسي»، والمحور الغائب عن دوره الحقيقي «كمتعلم».

ربما لا نجد صعوبة في الاعتراف بأن كثيرا من الطلاب يكرهون المدرسة، وهذه بالمناسبة قضية لا تخصنا وحدنا بل يشاركنا فيها أغلب شعوب الأرض، ولا حاجة لاتهام البيئة المدرسية والأساتذة والمناهج بالقصور، لكننا اليوم قد نكون بحاجة لاعتراف آخر بأن الطالب ربما يكره الدراسة كما كره المدرسة. لماذا؟

أظن أن هذه الـ»لماذا» لها أهمية كبرى تفوق الكثير من التطبيقات والقنوات والبرامج المقدمة اليوم. فإذا كان المتعلم هو الأساس فلا بد أن ينتقل إليه مركز الثقل في التعليم، فيتم إشراكه في التعلم، وتفتح له نافذة واسعة لتثقيف نفسه ونقل ومشاركة مكتسباته الثقافية والمعرفية مع أساتذته وزملائه، فيستثمر مكنوناته العقلية ومهاراته الشخصية ليشعر بها أنه فرد مساهم، وعنصر مشارك في تعليم ذاته وتطويرها.

أليس هذا عصر المهارات؟ فلماذا البقاء إذن على سطح الأمور التقليدية؟ لماذا يبدو كل الجهد المقدم على طبق من فضة للطالب العزيز دون إشراكه وكأنه تهميش لدوره كشريك، وتسطيح لمعنى التعلم؟ والأمر الأكيد هنا أن الشريك أيا كان وأينما كان لا يرضى أن يصبح شريكا منسيا.

@darifi_