بندر الزهراني

الشراكات الجامعية وحالة الغموض!

السبت - 29 أغسطس 2020

Sat - 29 Aug 2020

قبل أيام نشرت بعض الصحف الالكترونية خبر توقيع اتفاقية تعاون بين جامعتي الملك عبدالعزيز وأكسفورد البريطانية، لتطوير لقاحات فيروس كورونا المستجد، ولا أخفيكم أنني كأي مواطن يحب الخير لوطنه شعرت بالسعادة والفخر عند سماع هذا الخبر، فأن تأتي جامعة مرموقة عالميا كجامعة أكسفورد للتعاون العلمي مع جامعة سعودية لها اسمها ومكانتها العلمية لهو أمر عظيم، وأي تعاون! إنه تعاون علمي لاكتشاف أهم لقاح تبحث عنه البشرية، لا سيما أن الجامعتين قبل مدة أعلنتا على حدة عن توصلهما للقاح ضد الفيروس!

لكنني عندما بحثت في كل الأخبار لم أجد نص الاتفاقية، ولا حتى أطر وأوجه التعاون، ولا مسوغاته ودواعيه، وتواصلت مع وكيل الجامعة للدراسات العليا والبحث العلمي أستفسر منه عن كل هذه الأخبار المشجعة والداعية للفخر، إلا أنه لم يرد، مع أن مثل هذا الموضوع له أهمية لا تكفيها مجرد أخبار عابرة في صحف الكترونية أو على حساب في تويتر أو فيس بوك، بل على الأقل مؤتمر صحفي، ولذلك بدأت «أهوجس» بالمنطق وأقلب الأمور في ميزان العقل يمنة ويسرة، وأنظر للواقع وأضرب أخماسا لأسداس!

وهنا أتساءل: هل المقصود بالتعاون هو مجرد الرعاية والدعم المالي لأبحاثهم ودراساتهم؟! هل دورنا فقط مقصور على تقديم الأموال لهم؟! وإلى متى ونحن نوقع اتفاقيات تفاهم وتعاون نخجل من نشرها خشية النقد والسؤال! هل لدينا استراتيجية واضحة نعود إليها عند مراجعة واقعنا وموقعنا العلمي مقارنة بالآخرين؟! هل إذا قلت أو نفدت مواردنا المالية - لا سمح الله - لن نجد لمثل هذه الاتفاقيات وجودا أو أثرا؟! الإجابة على هذه التساؤلات تحتاج منا الشجاعة الكافية والوضوح والشفافية، وقبل ذلك نحن بحاجة لنظام رقابي حر داخل كل جامعة، يكون صارما ودقيقا، أو ربما نحتاج إلى تنفيذ الأنظمة الحالية وحسب، فما يذهب اليوم من موارد مالية لا يعود أبدا.

يقول أحد الزملاء: قبل مدة من الزمن كان لي مراجعة في إحدى الإدارات الأكاديمية، بالجامعة حيث أعمل، فلذت من حرارة الشمس ولهيب الصيف بمبنى من مباني الجامعة، وبينما كنت أستجمع قواي مع نسمات الهواء البارد سمعت أستاذا يتحدث لطلابه بلكنة أمريكية جميلة، فوقفت أستمع لما يقول، وانتظرته حتى خرج وتحدثت معه، فعلمت أنه أستاذ زائر لمدة أسبوعين أو قال ثلاثة، ضمن برنامج تدريبي ترعاه كلية الهندسة، ثم علمت لاحقا بعد البحث والتقصي أن البرنامج قد أعد خصيصا لمجموعة من الطلاب بينهم أبناء بعض المسؤولين في الجامعة، حيث كان من المفترض أن يتم عقد هذا البرنامج في أمريكا لولا انشغال المسؤولين وأسرهم ذلك الصيف!

لا بأس، فالبرنامج الصيفي هذا أو غيره من البرامج، بغض النظر عن هوامشه الجانبية، قد أقر من قبل الكلية، واعتمده مجلس الجامعة، وصرفت مخصصاته المالية وفقا للأنظمة المعمول بها، وربما ليس هناك أي ثغرات قانونية يمكن الدخول منها على من أقره واعتمده، ولكنه من نواح أخلاقية علمية يمكن الغوص واستكشاف ممارسات من يعمل لأجل الوطن والصالح العام، ومن يعمل لأجل مصالحه الشخصية ورغباته الخاصة في ظل غياب أو صمت أجهزة الرقابة والمحاسبة!

قد يظن البعض أننا نبالغ بذكر هذه القصص أو تلك، أو أننا نتعمد الضغط على جهة معينة بتكرار هذا الموضوع أو ذاك، أو هي فقط إرهاصات نقدية دون حلول، أبدا، الوضع ليس كذلك، وصدقوني لو ضبط الواقع كما هو وعلى طريقة كتاب الضبط في «المحاكم» لقال المضبوطون بأفعالهم إنما سكرت أبصارنا وغلبت علينا أطماعنا!

شراكات الجامعات ومراكز الأبحاث العالمية مع الجامعات المحلية تحتاج إلى إعادة ضبط ومراجعة جادة، فإن تقاعست أو تكاسلت الجهات المعنية عن أداء عملها المطلوب في هذا الجانب - لا سمح الله - فعلى الإعلام وكتاب الرأي المتابعة وكشف الممارسات الخاطئة التي تقوم بها بعض الإدارات الأكاديمية أو الشخصيات المستفيدة من مناصبها الإدارية، وهذا ما نقوم به خاصة إذا انسدت أبواب المناصحة والحوار، ونحتسبه عند الله وفاء لهذا الوطن المعطاء وقياداته الرشيدة وشعبه العظيم، ولا اعتبار للمجاملات والمداهنات، ولو أنهم ودوا لو ندهن فيدهنون!

drbmaz@