محمد الأحمدي

البروفيسور الأكاديمي

الثلاثاء - 18 أغسطس 2020

Tue - 18 Aug 2020

طلبت استشارة من عضو هيئة تدريس بجامعة إكستر يعمل في قسم الاحتياجات الخاصة، وقد وافق على تقديم خمس دقائق للاستشارة في مكتبه بعد اطلاعه على الأمر المتعلق بالاستشارة.

في حقيقة الأمر توقعت بأنه اعتذار بطريقة مهذبة عن تقديم الاستشارة، ولكن تفاجأت بأن البروفيسور الخبير الذي قام بنشر ما يزيد على 400 بحث علمي محكم خلال مسيرته الأكاديمية قادر على تقديم الحلول لاستشارتي قبل أن يبرد فنجان القهوة التي يحتسيها في فترة الغداء.

وفعلا فقد فعل ذلك خلال ثلاث دقائق بالرغم من أن حوارنا استمر لنصف ساعة خارج موضوع الاستشارة.

دخلت الساعة الثانية عشرة ظهرا إلى مكتب البروفيسور المفتوح من أجلي، وكان يجري مكالمة هاتفية، أومأ لي بالجلوس. ودار حوار مطول مع المتصل الذي تنبأت بأنه يبحث عن حل لمشكلة يواجهها مع طالب من ذوي الاحتياجات الخاصة حسب ردود البروفيسور، والأسئلة التي يطرحها على المتصل، والخطة التي قدمها له لمدة أسبوع، ثم تقديم تقرير مفصل له عبر الاتصال القادم.

بعد انتهاء المكالمة وتقديم المشورة بشأني، طلبت الاستيضاح حول الاتصال بحكم أني محاضر في كلية التربية، ومهتم بتطور الممارسات التعليمية، لنقل خبرة على الأقل لمؤسستي الأكاديمية، فرحب دون تردد لحرصي على المعرفة، وأفاد بأنه متعاقد مع خمس مدارس مختلفة في الولاية يقدم لهم الاستشارات والحلول من خلال تجاربه، وأبحاثه العلمية التي تستهدف الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة، فتتواصل معه المدارس حين الحاجة للاستشارة. فتارة يكتفي بتقديم المشورة التي تسهم في تطوير الممارسات لهذه الفئة أو تقدم حلولا تساعد الطاقم التعليمي للتعامل معهم عبر الهاتف. أو قد تتحول هذه الاستشارات لمشاريع بحثية لتقصي الظواهر الفردية والتحديات التي تواجه العملية التعليمية؛ وبالتالي يقود البروفيسور فريقا بحثيا من المحاضرين وطلبة الدراسات العليا للوصول لحلول لها تتمخض في أوراق علمية صالحة للنشر العلمي.

قد تتزايد التحديات التي تصل إلى كليات التربية من الميدان التربوي لتشكل منها كليات التربية مؤتمرات علمية تدعو فيها المختصين والمعلمين وأولياء الأمور وطلبة الدراسات العليا لعقد الورش التدريبية، وتقديم الأوراق العلمية التي في مجملها تسهم في التكامل بين كليات التربية والميدان التربوي.

إن هذه الفكرة التي تعزز الترابط بين الباحثين والخبراء في كليات التربية والممارسات التطبيقية في الميدان التربوي من جانب، وتشكل تغذية ثرية منبثقة من الحاجة لتزويد الباحثين بالقضايا المعاصرة التي تتطلب حلولا جذرية لتحسين الممارسات التعليمية تكون بنكا ثريا من الأفكار البحثية المنبثقة من واقع معاش للميدان التربوي. فترفع من سمعة كليات التربية ومنسوبيها في الميدان التعليمي وتزيد من جودة الممارسات النظرية للتدريس الأكاديمي، وتشكل نشرا علميا ناتجا من قضايا معاصرة لأعضاء هيئة التدريس وطلبة الدراسات العليا. بالإضافة إلى التكامل في الوظيفة بين كليات التربية والمدارس التي تشكل الحقل الثري لإجراء الأبحاث والتجارب التعليمية التي تهدف لتحسين العملية التعليمية.

في قصة أخرى حدثت لطالب يدرس بالصف التمهيدي من ذوي النشاط الزائد، فبعد تزايد الشكاوى لإدارة المدرسة من أولياء الأمور توجهت المدرسة بطلب لدراسة حالة الطفل من مجموعة من الباحثين الذي أوصوا بحاجة الطفل إلى رعاية خاصة؛ كطرق تدريس تتناسب مع حالته لتقليل الطاقة الزائدة لديه، ثم رشحت مدرسة بهذا الخصوص تشتمل على برامج تتناسب مع الحالة وتتوفر بها الأنشطة التعليمية الجسدية، وأوصت بمرافق دائم من مساعدي المعلمين بالمدرسة لمراقبة سلوكه.

إن مثل هذا التعاون بين المؤسستين كفيل بصناعة هوية للأبحاث النظرية وربطها بالممارسات التطبيقية وتحويلها إلى حلول ملموسة للميدان التعليمي، وتعزيز توجيه الدعم للمعلم والقائد المدرسي والمرشد الطلابي ومن ثم تحويل التحديات إلى حلول من قبل الخبراء الأكاديميين.

تعد بيئتنا التعليمية جاهزة لمثل هذا التكامل ولو بشكل سنوي؛ بحيث ترفع التحديات والصعوبات والعوائق بشتى أنواعها إلى أقسام التطوير والجودة بإدارات التعليم التي بدورها تشكل حلقة الوصل مع كليات التربية إن لم تمكن المدارس من التواصل المباشر مع كليات التربية، وهو الحل الأسرع والأمثل للوصول للحلول.

alahmadim2010@