سعد السبيعي

جدار الخوف والرجاء بين اللقاح الروسي والتشكيك الأمريكي

الاثنين - 17 أغسطس 2020

Mon - 17 Aug 2020

منذ شهر يناير الماضي والعالم يعيش مأساة جائحة كورونا، وكل يوم يمضي يعلو جدار الخوف لدى الجميع، وخاصة مع ارتفاع حالات المرض والإصابات التي لا حصر لها، وعدم الوصول إلى علاج ناجع يستطيع إيقاف هذا السيل من المصابين على مستوى العالم، ونعيش منذ أكثر من ثمانية أشهر تحت وطأة هذا الوباء والخوف يجتاح النفوس البشرية، وحسب بعض الإحصائيات المعلنة تجاوز عدد المصابين بفيروس كورونا المستجد 20 مليونا وضحاياه 737 ألفا في 196 بلدا.

وبعد أن اجتاح جدار الخوف حياة الناس أطلت بادرة أمل بالتغلب على المرض والوقاية منه، فقد أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تسجيل أول لقاح في العالم مضاد للفيروس تحت مسمى «سبوتنيك في»، وقال: إن اللقاح يعمل بشكل فعال للغاية، ويشكل مناعة مستقرة، واجتاز جميع الاختبارات اللازمة، وفي مسعى لإظهار فاعلية اللقاح، مؤكدا أن واحدة من ابنتيه تم تطعيمها باللقاح الجديد وهي تتمتع حاليا بصحة جيدة ومعنويات مرتفعة، ويجسد اسم اللقاح التجاري «سبوتنيك في» الطموح الروسي في هذا المجال والنجاح التاريخي الذي ترى موسكو أنها تحققه في تطويره، لأنه يشير إلى الانتصار السياسي العلمي الذي حققه الاتحاد السوفييتي حين وضع قمر «سبوتنيك 1» على المدار في خضم الحرب الباردة.

وبالفعل بدأ جدار الرجاء يعلو مرة أخرى وتزداد جرعة الأمل لدى الناس وعادت الفرحة للوجه واستبشر الجميع بهذا الاكتشاف الرائع الذي سيغير من طريقة مواجهة المرض والوقاية منه، ولكن ما لبث الإعلان الروسي في الظهور إلا وظهرت حملة أمريكية شعواء تشكك في اللقاح، وقوبل الإعلان عن تطوير اللقاح الروسي بترحيب أممي حذر، وذكرت «منظمة الصحة العالمية» أن تطوير اللقاحات المضادة لـ«كوفيد 19» يجب أن يستوفي جميع المواصفات والمعايير الدولية المعتمدة، وحذرت من إدخال السباق العلمي لإنتاج اللقاح في الصراعات الجيوسياسية.

في المقابل أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب عن عقد بقيمة 5.1 مليارات دولار لتسليم 100 مليون جرعة من لقاح كورونا التجريبي الذي تعده شركة «موديرنا». هذا وقد أعلنت شركة الأدوية الأمريكية «موديرنا» أن التجارب السريرية للقاحها المضاد لوباء كوفيد-19 دخلت المرحلة النهائية في 27 يوليو الماضي. وهذا يبرهن أن الموضوع اقتصادي بحت ليس إلا، وكيف تستطيع كل دولة أن تستحوذ على العلاجات الواقية والمعالجة للوباء بغض النظر أنه علاج فعال أم لا وكل جهة تهاجم علاج الأخرى بغرض التحطيم للهدف الاستثماري للعقار الآخر.

وهذه المرة استبدل الناس جداري الخوف والرجاء بجدار ثالث وهو الشك والريبة الممزوج بالإحباط، بالإضافة للقلق المزمن لدى البعض، وتساءل الجميع من الصادق ومن الكذاب، من يقول الحقيقة ومن يلعب بمشاعر العالم، هل توصلت روسيا بالفعل للقاح يقي من كورونا، أم إن هذا كله دعاية للترويج لعلاج لا يغني ولا يسمن من جوع، وهل حملة التشكيك الأمريكية هي حملة مضادة حتى تفوز الولايات المتحدة وشركاتها الخاصة بالأدوية بكعكة علاج كورونا، حيث من المؤكد أن الشركات الأمريكية لديها علاج وقائي، وكان سيعلن عنه قريبا، لكن الروس سبقوا وأعلنوا عن علاجهم ويبقى السؤال الذي أبحث له عن إجابة متى ينتهى جدار الخوف من حياة الناس ويعلو جدار الرجاء والأمل بين الجميع؟