هل تستعد إيران لاحتلال أفغانستان؟

خروج القوات الأمريكية من كابول يمهد الطريق أمام الملالي لاعتداء وشيك
خروج القوات الأمريكية من كابول يمهد الطريق أمام الملالي لاعتداء وشيك

السبت - 18 يوليو 2020

Sat - 18 Jul 2020

عاصفة غضب أطلقها أفغان على مواقع التواصل الاجتماعي ضد وحشية النظام الإيراني، في مواجهة اللاجئين الذين يذهبون إلى طهران بحثا عن الرزق وهروبا من الحرب، في أعقاب الحوادث المتكررة، التي كان آخرها انتشار مقطع مصور لسيارة تقل لاجئين أفغانا وهي تحترق على يد الشرطة الإيرانية.

لجأ الأفغان إلى وسائل التواصل الاجتماعي للتعبير عن غضبهم والتنديد بالشرطة الإيرانية، وظهر في المقطع المنشور فتى يفر من العربة المشتعلة بحروق في أجزاء من جسده ويتوسل طلبا للماء، وجاء حادث الحرق بعد أسابيع من قيام حرس الحدود الإيراني بقتل 45 عاملا أفغانيا وإجبارهم تحت تهديد السلاح على السقوط في البحر والغرق على الحدود، في حادث جسد أقصى أنواع الوحشية والإهانة.

الحوادث الأخيرة دفعت مجلة فورين أفيرز الأمرييكية إلى إعادة فتح ملف العلاقات بين إيران وأفغانستان، التي تصل في أحيان كثيرة إلى حافة الحرب، وتهدأ في مرات عديدة ويعد نظام الملالي جارته فرصة سانحة لتصفية الحسابات مع الولايات المتحدة الأمريكية.

عودة النفوذ

يتيح المشهد السياسي الحالي فرصة لإيران لتوسيع نفوذها في أفغانستان، فالمفاوضات بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان تتقدم ببطء، وغالبا ما تصطدم طالبان ومقاطعة خراسان الإسلامية (ISKP) بهجمات على قوات الأمن الأفغانية والمدنيين، حيث يستهدف مقاتلو خراسان بشكل متكرر المجتمعات الشيعية.

ومن المرجح أن تتطلب أي تسوية من الولايات المتحدة سحب معظم القوات المقاتلة من البلاد، ويمكن للوجود الأمريكي المنخفض أن يوفر لطهران فرصة لتوسيع نفوذها في أفغانستان، فلطالما كانت إيران حذرة من عدم استقرار جارتها الشرقية لعقود طويلة، دفعت مئات الآلاف من اللاجئين الأفغان إلى إيران، وقد امتنعت حتى الآن عن اتخاذ أنواع من الإجراءات التدخلية هناك كالتي قامت بها في العراق وسوريا واليمن، حيث تعمل مع كلائها، ولكن سيكون لدى إيران الآن مساحة أكبر للمناورة وقد تميل إلى التدخل في الشؤون الأفغانية بقوة أكبر، سواء لحماية مصالحها الداخلية أو لتقويض مصالح الولايات المتحدة.

حافة الحرب

وصل البلدان إلى حافة الحرب في ذروة حكم طالبان في أواخر التسعينيات، عندما قتلت طالبان في سبتمبر 1998 عدة دبلوماسيين إيرانيين في مدينة مزار شريف شمال أفغانستان، وتعهد قادة إيران بالانتقام ونشروا آلاف القوات في المنطقة الحدودية.

وفي حدث نادر جدا، دعم النظام الإيراني جهود الولايات المتحدة الأمريكية بعد الغزو في أواخر عام 2001، وساعدت في بناء التحالف الذي سيحل محل طالبان في كابول وفي المفاوضات المبكرة بعد الغزو، أصر المسؤولون الإيرانيون على أهمية إجراء انتخابات ديمقراطية في حقبة ما بعد طالبان، وظهرت متغيرات جديدة ولم تعد لإيران أو الولايات المتحدة رغبة في رؤية مقاتلي مقاطعة خراسان يزدادون قوة.

تبدو إيران بحاجة إلى الاستقرار في أفغانستان، حيث تشترك الدولتان في حدود يسهل اختراقها، وغالبا ما تمتد عواقب الاضطرابات في أفغانستان إلى الأراضي الإيرانية، وتعد طهران موطنا لمئات الآلاف من اللاجئين الأفغان، كما أنها وسيلة رئيسية لتهريب المخدرات إلى أوروبا.

ترحيل الآلاف

تشمل المصالح السياسية والاقتصادية الرئيسية لإيران الحفاظ على الوصول إلى السوق الأفغانية للسلع الإيرانية، والحفاظ على الاستقرار على طول حدودها، ولا يزال الاقتصاد الإيراني يعاني من آثار العقوبات الأمريكية ومن تعطل أزمة فيروس كورونا المستجد، ويشعر المسؤولون بالقلق من أن الفوضى في أفغانستان قد تدفع موجة أخرى من اللاجئين عبر الحدود، ولن تكون طهران وقتها قادرة على تحمل الاضطراب.

فاقم فيروس كورونا من المشقة والفقر بين اللاجئين في إيران الذين كافحوا للحصول على فرص عمل ورعاية صحية، وقامت إيران بترحيل آلاف الأفغان، لكن المزيد من العنف يمكن أن يؤدي إلى تدفق جديد، لذلك تفضل إيران إلى حد كبير الوضع الراهن، الذي يوفر على الأقل قدرا من الاستقرار الذي يسمح لطهران بالتركيز على أولويات أخرى تعد أكثر إلحاحا، خاصة مع مواجهة البلاد موجة قوية أخرى من كورونا وارتفاع عدد القتلى اليومي القياسي.

ومع ذلك، هناك ظروف قد تشعر إيران فيها بأنها مضطرة للتدخل في الشؤون الأفغانية، قد تفعل ذلك إذا اختلفت مع الحكومة الأفغانية في كابول، حيث تلعب فصائل طالبان دورا قياديا وتسعى لتحدي المصالح الإيرانية في أفغانستان.

جبهة جديدة

إذا قررت إيران إدخال نفسها بشكل أكبر في الشؤون الأفغانية، فلديها أدوات قوية لتفعل ذلك، حيث يتمتع القائد الجديد لقوات الحرس الثوري في إيران إسماعيل قاني، بخبرة طويلة في أفغانستان، وقد لعب دورا عمليا في تجنيد الأفغان للقتال من أجل طهران في الحرب الإيرانية العراقية في الثمانينيات ومحاربة طالبان في التسعينات.

وقدمت إيران معلومات استخبارية ودعما بالوكالة لغزو الولايات المتحدة لأفغانستان، ودعمت العملية التي تلت استبدال طالبان بحكومة وحدة وطنية، ويتمتع قاني بمعرفة عميقة بأعمال الحدود الإيرانية الأفغانية من مكافحة تجار المخدرات والمهربين والجماعات الإجرامية الأخرى، وتجعله هذه التجربة يفهم جذور عدم الاستقرار في المنطقة والتهديدات على طول الحدود، والوقت الذي قد تتطلب فيه الظروف إجراء إيرانيا أكثر قوة.

الاستعانة بالوكلاء

ربما تكون الوسيلة الأكثر ترجيحا للتدخل الإيراني هي القوة شبه العسكرية التي نشرتها طهران في أماكن أخرى لتحقيق تأثير كبير، حيث جندت إيران عددا كبيرا من المجندين القادمين من أفغانستان وباكستان، حيث شكلت ميليشيات مسلحة تدعى لواء فاطميون، عتادها بين 10 إلى 15 ألف مقاتل أفغاني، أغلبهم شهدوا قتالا في حلب ودمشق واللاذقية ومنطقة القلمون.

تستخدم إيران وكلاءها وقت الحاجة، بعدما نجح فيلق القدس في بناء علاقات متشابكة مع الميليشيات المسلحة في جميع أنحاء الشرق الأوسط، من حزب الله في لبنان إلى الحوثيين في اليمن، ولا يزال القادة الإيرانيون يتألمون من قتل الولايات المتحدة للواء قاسم سليماني في أوائل يناير، ويمكنهم أن يقرروا فتح جبهة ضد واشنطن في أفغانستان.

انتصار دعائي

تسعى إيران لتدبير سلسلة من الهجمات لتسريع الانسحاب وجعل الأمر يبدو أن إيران لعبت دورا أكبر في إجبار الولايات المتحدة على التراجع، ويمكن أن تكون الهجمات متفرقة وتستهدف خطوط الإمداد الأمريكية واللوجستية المستخدمة لتسهيل الانسحاب، واستحضار صور القوات الأمريكية التي تغادر فيتنام أو الصومال وتزود إيران بانتصار دعائي.

تستطيع طهران استخدام الميليشيات الشيعية الأفغانية كوكلاء من أجل إبعاد نفسها عن الأعمال العدائية العلنية، من خلال لواء فاطميون وميليشيات أخرى، ويمكن لطهران تعقيد المصالح الأمريكية في أفغانستان من خلال التحريض على الهجمات ضد الأصول الأمريكية المتبقية والشركاء المحليين، أو على الأرجح يمكن أن تساعد في تأمين أجزاء من أفغانستان، وتعزيز نفوذها في البلاد، وفي ذلك فعل المزيد من تآكل نفوذ واشنطن يتضاءل بالفعل.

التدخل والعدوان

أنفقت إيران مليارات الدولارات لتسليح وتدريب ودفع آلاف المقاتلين الأجانب في سوريا، بما في ذلك الأفغان، وستكون مهمة قاني الأكثر أهمية كبديل لسليماني هي إدارة علاقة الحرس الثوري الإيراني بهذه القوى.

وتشير تجربة قائد الحرس الثوري الجديد مع المقاتلين الشيعة الأفغان إلى أن هؤلاء على وجه الخصوص يمكن أن يكونوا على استعداد للعب دور أكثر بروزا في السياسة الخارجية الإيرانية، ومهما كان شكل الحكومة المستقبلية في كابول، فإن طهران ستراقب بقلق شديد حدودها الشرقية، حيث قد تصل إلى استنتاج مفاده أن أفضل شكل للدفاع هو التدخل والعدوان.

أرقام اللاجئين الأفغان في إيران:

2.5مليون أفغاني يعيشون في إيران

950 ألفا يحملون بطاقات هوية

450 ألفا لديهم تأشيرة طويلة الأجل

750 ألفا بدون شهادات تعداد رسمية

400 ألف بدون وثائق ثبوتية ويواجهون مطاردات مستمرة

100 ألف أفغاني تقريبا فروا خلال أزمة كورونا

15 ألف مقاتل أفغاني يحاربون تحت لواء (فاطميون)