طلال الشريف

المستقبل أفضل

السبت - 04 يوليو 2020

Sat - 04 Jul 2020

يبدو لأي متابع لتوقعات مستقبل ما بعد كورونا المستجد شيوع النظرة التشاؤمية والسوداوية في ثلاثة مجالات: في مجال العمل بفقدان الوظائف الحكومية والخاصة، وانهيار الشركات وارتفاع معدلات البطالة إلى نسب غير مسبوقة والاستغناء عن الإنسان، وفي مجال الصحة بصعوبة تحمل القطاع بطاقاته البشرية والمادية لمستقبل انتشار الفيروسات الطبيعية والمصنعة، وفي مجال التعليم بالتأثير على نمط التعليم وطبيعته وجودته وملاءمة مخرجاته لآثار الأزمة العالمية.

وهي دون شك تحليلات اقتصادية واجتماعية وسياسية فيها شيء من الصواب إلى حد ما، وفي الوقت نفسه مبالغ فيها ومزعجة للإنسان وتدعو إلى الخوف والهلع من مستقبل كورونا المستجد، وسيكون لها انعكاساتها النفسية والاجتماعية ما لم يتوقف المتشائمون من الأفراد ومراكز الدراسات وحتى الحكومات عن ذلك، ووضع الأزمة وتحليل نتائجها في إطارها الطبيعي كغيرها من الأزمات والكوارث التي أثرت على الحياة الإنسانية وتم تجاوزها.

وما يجب أن يكون هو العمل على نشر رسائل التفاؤل وتطمين الإنسان بأن المستقبل أجمل، وأن الخوف غريزة طبيعية يجب أن لا تتجاوز حدودها وتتحول إلى قلق واضطراب يعطل فكر الإنسان ويشل حركته ويضعف قدراته، ويصيبه بالأمراض النفسية والجسدية، وأن العالم يسعى بشكل حثيث نحو الوصول إلى لقاح لهذا الفيروس الخبيث.

إن ما يدعوني إلى هذه النظرة التفاؤلية مرور العالم منذ منتصف القرن الماضي بأزمات مالية مدمرة لاقتصاديات العالم، وبأوبئة لا تقل ضراوة عن وباء كورونا المستجد، نتج عنها أزمات كساد كبرى، انخفض فيها الإنتاج وهبطت الأسعار وارتفعت معدلات البطالة حتى أفلس كثير من الشركات، ومع ذلك استمرت الحياة للأفضل بدليل ما وصل إليه عالمنا اليوم من تطور حضاري في مختلف المجالات، وخاصة التقنية منها التي كان لها الدور الأكبر في تماسك المجتمعات والمحافظة على إدارة شؤونها واستمرار تواصلها الالكتروني مع عالمها الداخلي والخارجي أثناء أزمة كورونا.

ولأن معظم مواردنا البشرية من الشباب ومستقبلنا وآمالنا وتطلعاتنا وتحقيق رؤيتنا في 2030 ترتكز عليهم، فإن النظرة التشاؤمية السائدة للمستقبل ستؤثر بشكل كبير عليهم، ومؤسساتنا التربوية والإعلامية ومسؤولونا وأرباب الأسر معنيون بتخفيف حدة خطابنا حول المستقبل حتى وإن كان هناك بعض من الحقيقة في توقعات العالم حول المستقبل، وتوجيه الشباب ومساعدتهم على مواجهة آثار أزمة كورونا المستجد بإيجابية عالية، معتمدة بالدرجة الأولى على التوكل على الله حق التوكل، ثم استبدال الأفكار السلبية التي تثير مشاعر الخوف والقلق بأفكار أكثر إيجابية على المستوى الفردي والمؤسسي، والتركيز على الحاضر الذي يعيشونه باعتباره امتدادا للمستقبل، والثقة المطلقة في قيادتنا وما تقوم به من إجراءات عظيمة وكفيلة بتخفيف آثار الأزمة وتجاوزها، وتحويلها إلى فرص مستقبلية ناجحة تستوعب كل شبابنا الطموح.

drAlshreefTalal@