غدير مليباري

كورونا ينادي: رفقا بالخدم

السبت - 13 يونيو 2020

Sat - 13 Jun 2020

دائما ما كانت حوادث الأيام وبلاياها مواقف يجني منها الإنسان عبرا، يستفيد منها في قابل أيامه.

وإن حادث هذه الأيام بلاء ومرض (كوفيد 19)، أصاب العالم أجمع، فأثر في جميع الناس، وعلى جميع الأصعدة؛ السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والنفسية، ولا شك أن الحجر المنزلي الذي فرض في كثير من البلاد كان من أكبر التأثيرات وأشدها على الناس.

هذا الحجر ألزم الناس بيوتهم، فأوقف أعمالهم، ومنعهم الخروج لقضاء حاجاتهم، وحرمهم التنزه والتمتع في حياتهم.

شعر الناس بالضيق والضجر، والسأم والملل، وشيء من القسر والإجبار فرضه عليهم واقع انتشار الوباء.

لكن - وبنظرة ثانية - يذكر هذا الحجر بكثير من الأشخاص الذين يُستعملون في البيوت مقابل أجرة يعطيها لهم رب البيت؛ من اهتمام بأولاد، ورعاية لشؤون المنزل، والقيام بواجباته، ويمنعون الخروج من البيوت ويحجر عليهم فيها، لأسباب واهية يتعلل بها من يعولهم، إضافة إلى ما يلقاه هؤلاء الناس من معاملة قاسية في كثير من الأحيان، دون مراعاة لقدر ألجأهم إلى العمل ولو في أصعب الظروف، فيعاملون بسوء وإجحاف في حقوقهم دونما شفقة أو رحمة.

نسي كثير من أصحاب البيوت أن نبي الرحمة عليه الصلاة والسلام كان أرحم الناس وأشفقهم وألطفهم مع خدمه، فكان من خلقه أنه: (ما ضرب بيده خادما قط!) ، وأنه كان يؤكلهم مما يأكل، ويلبسهم مما يلبس، ويقول لخادمه دوما: (ألك حاجة؟)، بل ويوصي أصحابه بذلك، ويقول: (لا تكلفوهم ما لا يطيقون، وإن كلفتموهم فأعينوهم).

ألا يعلم هؤلاء أن الله الذي ألزم الناس جميعا بيوتهم الآن أقدر عليهم من قدرتهم على خدمهم، وأنه سبحانه ينزل البلاء والوباء ليتعظ المخطئ منهم، فيبادر إلى تصحيح ما أخطأه، وإدراك ما فاته؟

حجر الناس في بيوتهم ذكرهم أناسا محتاجين للعمل وكسب لقمة العيش، كانوا محتجزين ومقهورين منذ زمن بعيد، بفعل أناس مثلهم لا بفعل وباء جامع يشمل كل الناس.

فليتق الله امرؤ استخدم الناس عنده، وساق الله أرزاقهم على يده، وليكلفهم ما يستطيعون، وليعنهم فيما يأمرهم به، وليرحمهم، فرحمة الله تستنزل بالبر والإحسان.