عبدالله عريشي

حافلة السعادة

الاثنين - 01 يونيو 2020

Mon - 01 Jun 2020

يعتقد البعض أن السعادة محطة تُقلهم إليها حافلة، ليجدوها هناك تنتظر قدومهم وتتلهف لرؤيتهم!

ترى أحدهم في حياته اليومية يرثي نفسه ويندب حظه وينتظر فرصة انفراج غمته بوصول حافلته حتى ترتحل به لمحطته المنشودة، وحين يصل لا يكتفي بمحطة بل يظل يبحث عن محطات، فسعادة المحطة السابقة تبخرت سريعا وتبخر معها فرحه.

يعلق أسباب فشله العاطفي وأنانيته ونرجسيته على ظروف معيشته، ويربطها بمن يحيطون به، وينشر نظراته الكئيبة وطاقته السالبة لكل ملامح التفاؤل حيث يتواجد، ويفرح بالعراقيل التي تمر بحياته أو يختلقُها فكره، فهي حجة قوية تحصنه من لوم الآخرين وعتابهم.

ومع أنه يملك ما يفتقده كثيرٌ من الناس بل ويحلمون به، لكنه لا يلتفت إليه ببصره أو يمد إليه يده ليلمس جماله ويدرك مقدار ما يعيشه من النعم.

يرى أن سبب سوء طالعه وشقائه عدم حصوله على وظيفةٍ يقتات منها ويكوّن حياة جديدة، وهو يضع يده على خده ينتظر حافلة تنقله لمحطةِ تحقيق طموحه.

ويشتكي قطع رحمه وعدم تواصل أقاربه، ولا يبادر بزيارتهم وكسب الأجر وتنقية النفس، بل يلومهم وينتظر أن تنقله الحافلة إلى بيوتهم.

ويعترف بالجفاف العاطفي بينه وبين شريكة عمره، وينتظر حافلة المحبة والألفة تفتح له أبوابها وتصفي الكدر وتنشر الوئام.

رغم أن لديه القدرة على البحث الحثيث عن وظيفة وعمل حتى وإن لم تكن وفق طموحه فلعلها نقطة البداية لتحقيق حلم كبير، وبيده أن يصل رحمه ويذيب جليد التباعد، ويتقرب لمن يحب ويهديهم الود ويظفر بالحب.

إن كل ما نحتاجه لنعانق أحلامنا ونجلب لقلوبنا ومن حولنا السعادة، أن نؤمن بقدراتنا ولا نستسلم للأوهام وتبريرات الفشل ونبادر للخروج من دائرتهم، ونتحمل مسؤولياتنا ونعترف بأخطائنا ونتحمل تبعاتها (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم).

ونتحلى بنظرة متفائلة مشعة بالأمل حتى وإن ظهر جانب مؤلم في إحدى زواياها، فلاب د أن في بقية الزوايا جوانب إيجابية مشرقة «أما وقد احترقت صومعة غلالي حتى سويت بالأرض، فإني أستطيع الآن أن أرى القمر!».