عبدالله سرور القرشي

(المواطنة).. كلنا مسؤول..!

الأربعاء - 20 مايو 2020

Wed - 20 May 2020

منذ مطلع عام 2020م كان المتخصصون يترقبون تفاقم الأزمة الفيروسية (كوفيد 19) الناشئة في الصين، كانوا غير مدركين لمدى آثارها التي ستطال جميع أقاليم وأعراق العالم بلا استثناء، ومع انتهاء الربع الأول من العام كشر الوباء عن أنيابه، وبدأ يلاحق فرائسه في كل حدب وصوب، مما دعا دول العالم إلى أن تتخذ موقفا لم يسبق له مثيل، حيث انتهجت أساليب الإلغاء والإبعاد والإفراد والعزل والتقليل والانقطاع والتوقف والإنقاص، وتعظيم دور الاتصال التكنولوجي في جوانب كثيرة اجتماعية واقتصادية وثقافية ودينية وتعليمية.. إلخ.

ومن هنا ظهرت التشريعات والتعاليم والإرشادات كأسلوب مواجهة لهذه الأزمة، والتي تقتضي على المواطنين والأفراد في المقام الأول الالتزام بها والتقيد ببنودها واستشعار المسؤولية تجاه المجتمع والوطن، وهذا ما تنبئ عنه المواطنة بأبسط معانيها.

وإذا ما أشرنا إلى المعنى اللغوي للمواطنة في كتب المعاجم لوجدنا أنه يعني منزل الفرد يقيم به، وهو في الأصل "موطن الإنسان ومحله".

وقد أكدت رؤية المملكة العربية السعودية 2030 على الهوية الوطنية من حيث إبرازها والتعريف بها، ونقلها من جيل إلى جيل، وذلك من خلال غرس المبادئ والقيم الوطنية، ولا يكتمل ذلك إلا بتكامل أدوارنا وواجباتنا تجاه وطننا ومجتمعنا وأسرنا وتجاه أنفسنا كذلك، وأننا سنعمل باستمرار من أجل تحقيق آمالنا وتطلعاتنا، كما أننا سنسعى إلى تحقيق المنجزات والمكتسبات التي لن تأتي إلا بتحمل كل منا مسؤولياته.

فلنعرج بشكل مختصر على أبرز أبعاد المواطنة وما يحمله كل بعد من دلالات ومفاهيم من الضروري جعلها نصب عين كل مواطن، ذلك لتحقيق المقاصد التي ترمي إليها والنتائج التي تنشدها:

فإذا ما تحدثنا عن البعد الاجتماعي للمواطنة، فهي الأصل كما أنها تحمل في طياتها ركيزة الدين والثقافة، وتتحقق بإحساس الفرد بالانتماء لمجتمعه، والشعور بالهوية التي تتجسد فيما يجمع الأفراد من تاريخ وعادات ومعاملات وممارسات الحياة اليومية بشكل إيجابي.

وإذا ما تناولنا البعد الاقتصادي فتمثلها فكرة المواطنة بشكل مختصر من خلال ما يحققه الفرد من أداء وإنتاج يضيفان إلى الناتج المحلي للوطن.

ومن الأبعاد الأساسية المكونة لفكرة المواطنة البعد البيئي الذي يؤثر بشكل رئيس في البعدين السابقين من خلال علاقة الفرد ببيئته التي حوله، ومدى تأثيره ومساهمته في إثرائها وتنميتها.

ومن الأبعاد التي اتخذت حيزا كبيرا في فترة الأزمة البعد التكنولوجي، الذي يتحقق فيه معنى المواطنة لدى الفرد من خلال استخدامه لوسائل التقنية المختلفة، ومدى استشعاره للقيم التي يتمثلها أثناء تعامله مع العالم الرقمي، ومدى التزامه بالنهج الإيجابي والمتحضر.

وقد راعى الإسلام منذ فجر إصباحه على العالمين قضية المواطنة بإرساء دستور المدينة المنورة، الذي وضح الحقوق التي ينالها الأفراد في مقابل الواجبات التي عليهم الالتزام بها، وكفلت تلك القواعد بإجراءات وأنظمة تضمن حفظها وعدم تجاوزها، فضلا عن غراس القيم والأخلاق في المجتمع الإسلامي، والتي نادت بها الآيات الكريمة والسنن المطهرة.

كل ذلك يجعلنا أمام وطننا مسؤولين تجاه ممارساتنا مع الأزمة الفيروسية، ومدى التزامنا بالتعاليم التي تحد من انتشاره وتعمل على انحساره، أنحن مواطنون بحق المواطنة؟ أم مواطنون على ورق فقط؟!