أحمد صالح حلبي

البقاء للأفضل في الجمعيات الخيرية

الخميس - 14 مايو 2020

Thu - 14 May 2020

ما زال البعض يعتقد أن رئاسة أو عضوية مجلس إدارة منشأة أو مؤسسة خدمية أو خيرية حق خاص له ولأفراد عائلته دون سواهم، وأن وصول غيرهم بالتعيين أو الانتخاب يعد تجاوزا لهذا الحق الذي يريدون الارتباط به مدى الدهر، متناسين أن عجلة الحياة تستلزم التجديد، وأن البقاء يكون دوما للأفضل، وليس لمن يريد تملك المنشأة، وتحويلها لجزء من أملاكه الخاصة، فتتجول زوجته داخل أروقتها، ويلهو أبناؤه فيها.

وقد أحسن الدكتور ماجد القصبي صنعا إبان توليه وزارة الشؤون الاجتماعية (ووزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية - حاليا) بإصداره اللائحة التنفيذية لنظام الجمعيات والمؤسسات الأهلية، والذي تناولت المادة 28 فيها الترشح لعضوية مجلس الإدارة، وأوضحت أنه «لا يجوز الترشح لعضوية مجلس إدارة الجمعية لأكثر من دورتين على التوالي، إلا بموافقة الوزير أو من يفوضه».

وبصدور هذه اللائحة تحطمت كثير من الأحلام لمن كانوا يرغبون البقاء داخل أروقة الجمعيات والمؤسسات الأهلية مدى الدهر، فخابت آمالهم حينما وجدوا أنفسهم خارج الأسوار، غير أن إصرارهم على البقاء جعلهم يتحدثون عن الخبرات التي اكتسبوها، معتبرين خروجهم خسارة كبرى للمنشأة، ولا أعرف عن أي خبرات يتحدثون؟

فهل البقاء بمجالس الإدارات بين العضوية والرئاسة يمثل خبرة؟

ثم أليس من واجب الخبير العمل على نقل خبراته للشباب وإفساح المجال أمامهم لتولي المسؤولية؟

وما نأمله اليوم من وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية المهندس أحمد الراجحي، العمل على دعم وتشجيع الشباب وإفساح المجال أمامهم لتولي مسؤولية قيادة المؤسسات والجمعيات الخيرية العامة منها والنسائية، وتشكيل فرق عمل لتقييم أدائها، خاصة في أوقات المواسم والطوارئ، للتعرف على ما قدمته مجالس إدارتها من أعمال وخدمات مجتمعية، ليدرك الجميع أن مهام ومسؤوليات الجمعيات الخيرية هو العمل الخيري التطوعي، وليس البقاء على كرسي مجلس الإدارة.

أما مطالبة البعض بأن يكون المرشح أو المرشحة لعضوية مجلس الإدارة حاصلا أو حاصلة على دورات تدريبية تطوعية، فمثل هذه المطالبة لا تمثل القدرة على تقديم العمل الجيد، فكم من رجل وسيدة لا يملكون شهادات لدورات تطوعية لكنهم قدموا خدماتهم للمجتمع، وتكفلوا بتربية أيتام ونظموا دورات تدريبية وتأهليهم لهم دون أي مقابل مالي، كما دعموا الأسر المتعففة دون أن ينشروا خبرا بصحيفة أو موقع الكتروني، لإيمانهم أن ما قدم ويقدم هو واجب يؤدى، وليس وجاهة مجتمعية.

وفي الفترة الحالية لاحظنا مدى الجهد الذي يبذله المتطوعون بمراكز الأحياء الذين أثبتوا بصدق أنهم جندوا لخدمة المجتمع، فتفوقوا بخدماتهم على منسوبي الجمعيات الخيرية، مطبقين مفهوم العمل المجتمعي، معتبرين أن الخدمة الاجتماعية إنما جاءت «لمساعدة الناس على فهم أنفسهم، ودمج الأفراد في المجتمعات التي يعيشون فيها من خلال العمل على تطوير مهاراتهم، وقدراتهم، والعمل معهم لتحقيق أقصى منفعة ممكنة من المواد المتوفرة».

ويظل البقاء للأفضل في الجمعيات الخيرية، دون النظر للشخص، فما قدم في الماضي لا يتوافق مع مرحلة العصر الحالية، فلكل زمان رجاله، وهذا ما يجب أن يعترف به الجميع.

[email protected]