فارس عزيز ال حجري

كيف ينجح أفضل القادة في إدارة التغيير؟

الاحد - 10 مايو 2020

Sun - 10 May 2020

يقول ألبرت أنشتاين "لا نستطيع حل المشكلات بنفس التفكير الذي نشأت به"، لقد فرضت جائحة كورونا على البشرية نمطا سلوكيا جديدا، وفرضت على المنظمات تغيرات جذرية، شلت ممارساتها التقليدية، وأدارت التكنولوجيا المرحلة، وغير أنترنت الأشياء كل شيء.

وفي ظل هذه الظروف الاستثنائية والمتغيرات المتسارعة غالبا ما يشغل ذهن قادة المنظمات كيفية تطوير سيناريوهات استثنائية لإدارة التغيير، إلا أنها تفشل في تنفيذها كما خطط لها، نظرا لعديد من العوامل الداخلية والخارجية، التي تؤثر على المنظمة فتعرقل حركتها وتفرز استجابات سلوكية محبطة تؤثر على بيئة المنظمة وإنتاجيتها.

وفي هذا السياق يلعب قادة المنظمات دورا بارزا في تسهيل التغيير، يظهر ذلك من خلال قدرتهم على التكيف السريع مع المتغيرات، والفهم العميق لديناميكية التغيير، وأن التغيير يجب أن يحدث من خلال الموظفين. وهذا يعني أن نجاح التغيير لا يأتي صدفة، وإنما يتطلب وعيا بكيفيته من ناحية، وتضافرا للجهود من ناحية أخرى، فالمنظمات لا تتغير بمجرد تطوير سياساتها وخططها وإجراءاتها وهياكلها التنظيمية، وإنما يحدث التغيير عندما يتغير الموظف فتتغير المنظمة.

وهذا يتطلب من قادة المنظمة القدرة على التنبؤ بسلوك الموظفين، واتخاذ التدابير المناسبة أمام استجاباتهم المتوقعة، من أجل خفض مستوى المقاومة إلى أدنى مستوياتها، وتمكين التغيير والتأكد من حصول جميع الموظفين على الدعم الكافي على مستوى الأفراد والوحدات والإدارات والمؤسسة، وباستخدام منحنى التغيير ذو المراحل الأربعة، يمكنك التعرف على ردود أفعال الموظفين في كل مرحلة وكيفية التعامل معها وتوظيفها لتحقيق النتائج المرجوة.

المرحلة الأولى: مرحلة الإنكار ويتشكل في هذه المرحلة الصدمة من التغيير، وردة فعل مباشرة ترفضه وتنكر جدواه، بحجة أن الأمر على ما يرام ولا حاجة للتغير. وغالبا ما تكون بسبب نقص المعلومات والخوف من المستقبل، والرضا بالوضع الراهن. وفي هذه المرحلة تعمل إدارة المنظمة على تكريس الاتصال المفتوح بين القيادة والموظفين، وبيان ماهية التغيير، ولماذا وكيف يحدث، وما هي نتائجه الإيجابية على الموظفين والمنظمة وإزاحة المخاوف المقلقة في أذهان الموظفين وتوفير المعلومات الكافية تمهيدا لمد جسور الثقة المتبادلة.

المرحلة الثانية: مرحلة الارتباك ويتشكل في هذه المرحلة ردود أفعال صريحة وملموسة كالغضب والتذمر والتنمر والتلكؤ عن أداء الأعمال وعدم الالتزام بالمهام، وتوجيه التهم لقيادة التغيير، وعرقلة تقدمهم ومحاولة إفشال جهودهم وجعلهم كبش الفداء، وتعد هذه المرحلة عنق الزجاجة لعملية التغيير يظهر فيها تدني مستوى الأداء والإنتاجية، وقد يأخذ ذلك وقتا من الزمن، وعندما تدار هذه المرحلة بطريقة غير مناسبة ربما تتعرض المنظمة لأزمة، وتحتاج هذه المرحلة الاستعداد الكافي من قيادة المنظمة والوعي التام والتخطيط الجيد والاتزان السلوكي من أجل إحكام السيطرة على ردود الأفعال والتعامل معها بوعي وحكمة وتكريس عملية الاتصال والتواصل.

المرحلة الثالثة: مرحلة الاكتشاف ويتشكل في هذه المرحلة صورة ذهنية أن التغيير أمر لا مفر منه، وأن الوقت قد حان لقبوله والتكيف معه وعدم مقاومته، ولسان حال الموظفين نجرب ونشوف! وتعد هذه المرحلة مرحلة سلام وتأمل يتعافى فيها الأداء المؤسسي بشكل تدريجي، إلا أنها مرحلة هشة وغير مستقرة، وتحتاج من قيادة المنظمة توسيع مساحات القبول وتعزيز عمليات التدريب وبناء القدرات، وتمكين الموظفين المستجيبين، وتوظيفهم ليكونوا موجهين للآخرين ومعززين للتحول، ومشاركة التجارب الناجحة وتحفيزها.

المرحلة الرابعة: مرحلة البناء والقبول ويتشكل في هذه المرحلة الالتزام من الموظفين بالوضع الجديد، والإسهام في دفع عجلة التغيير ومناصرته، مما يؤدي إلى ارتفاع مستوى الأداء والإنتاجية. ومهمة إدارة المنظمة في هذه المرحلة تعزيز مكاسب التغيير ودمجها في نظام المنظمة وتنمية الإبداع والابتكار والتحسين المستمر والاحتفال بإنجازات الوضع الجديد والتحرك نحو المستقبل.

التحدي الحقيقي الذي يواجه قادة المنظمات اليوم كيفية تسهيل التغيير داخل المنظمة، خاصة عندما يكون مؤلما. ويعتبر منحنى التغيير أداة مهمة لتمكين قادة المنظمات من إدارة التغيير، فكلما احترفت ذلك تعافت منظمتك بشكل أسرع، وزادت فرص نجاحك بشكل أكبر. يقول بيتر دراكر "القادة الناجحون في المستقبل هم القادرون على إدارة وقيادة التغيير".

@Drfaresaziz