محمد عبدالعزيز الحارثي

أزمة (الأزمة)

الاثنين - 04 مايو 2020

Mon - 04 May 2020

لكل أزمة حيزها المعتبر من الاهتمام والتعاطي معها بحسب طبيعتها وآثارها وأبعادها المتعددة، وبلا شك فإن حجم الاهتمام يتناسب طرديا مع حجم الأزمة، خاصة إذا كانت تضرب في صميم المصالح الإنسانية وفي قلبها النابض، فلا يستغرب عندئذ أن تحاط تلك الأزمة ببالغ الاهتمام والمتابعة، وأن تتوحد الأسئلة في صيغة واحدة ومؤدى واحد، وهو كيفية تخطي هذه الأزمة وتجاوزها.

وأول خطوة في تقديم إجابة عن هذا السؤال، هي تطويق نطاق الأزمة وحسر امتدادها إلى الحد المناسب لها، وعدم السماح لها بالتسرطن والاستحواذ على التفكير والوجدان، والإبقاء على هامش (وحبذا لو كان واسعا) من الحياة اليومية بمنأى عنها وعن أي أثر من آثارها ما أمكن بالوسع ذلك.

وللأسف أن المرء لو أراد أن يتخذ هذا القرار فعلا، فإنه لن يجد من محيطه ما يشد على ذلك يدا، فكل ما أدار الإنسان وجهه وجد حضورا للأزمة بشكل مباشر أو غير مباشر، فالصحف والتلفاز ووسائل التواصل، كلها تطفح بإيراد الأزمة تصريحا أو تلميحا، وليت أن ذلك يكون متضمنا محتوى مساهم في العلاج، بل في غالبه توظيف لمادة الأزمة واستغلالها لسد عجز في المحتوى والموضوع، الأمر الذي يفضي عند المتلقي إلى تخلق أزمة أخرى.

على المرء أن يعلم أن الأزمة هي الأزمة، وهي واقع مفروض عليه شاء أم أبى، وسيصبح إن شاء الله جزءا من ماضيه، وليس التعامل مع هذا الواقع بالجزع، أو بالهلع، أو بالتسخط يجدي نفعا، بل الأولى اتباع المنهج الإسلامي الذي يقتضي إعطاء الأزمة حجمها الحقيقي بعيدا عن التهويل والتهوين، والاشتغال الدؤوب بمحاولة التغلب على عليها بقلب مسلم مطمئن، يؤمن أن إرادة الله به تقتضي الخيرية له بالضرورة حتى لو وجد في نفسه كراهة من ذلك.