شروق المحمادي

لمزيد من الإنجاز.. فضلا أغلق الواي فاي!

الاحد - 03 مايو 2020

Sun - 03 May 2020

مدهش جدا! يحرك القلم ثم يدير المذياع، عفوا كنت أقصد الواي فاي، وينطلق جاريا بإصبعه عبر أودية الفيس بوك، يتنقل فيها بين جبال الواتساب وطيور تويتر الزرقاء، رحلة طويلة لصديقنا عبر التطبيقات.. رن رن رسالة أخرى من صديقه: أين أنت؟

وإشعار آخر يطل على الشاشة؛ من "قروب الدوام".

يتكئ أكثر على هاتفه، في إشارة دالة على الانسجام وغياب الوعي عن المهام الواقعة بين يديه.

لحظة! هل شبهتِ متصفح الانترنت بفاقد الوعي؟! لكنه ينجز المهام والكثير من الأعمال رغم تصفحه الهاتف وهذا هو المهم!

حسنا، القارئ الكريم، نحتاج إلى ترتيب معلوماتنا معا حتى نصل إلى استنتاج صحيح بشأن هذا السؤال.

بداية علينا أن نفهم حدود النشاط العقلي لدى الكائن البشري، فالإنسان ذكي وقوي الاستيعاب في حدود 40-50 دقيقة من الوقت، ثم بعد ذلك تبدأ قدراته الاستيعابية بالانخفاض. وهنا ينصح الباحثون هذا الموظف أو المتعلم بالحصول على قسط من الراحة تبدأ من 10 دقائق وتصل إلى 30 دقيقة مع ممارسة نشاط خفيف أثناء ذلك كشرب كوب من القهوة أو الحديث المباشر مع الأصدقاء أو ممارسة الرياضة أو أي نشاط آخر قبل العودة إلى المهمة من جديد.

إذن نتفق إلى الآن أنه من الطبيعي جدا، بل من الضروري أخذ فترات متقطعة من الراحة أثناء العمل.

لكن من غير الطبيعي أبدا (تصفح الانترنت وتفقد هاتفك الذكي) في أوقات الراحة.

لكن لماذا؟

ذكرنا آنفا أنه لتجدد طاقتك الاستيعابية وقدراتك الذهنية، لا بد من ممارسة أي نوع من الأنشطة الخفيفة. ويعتبر تفقد الهاتف أحد الأنشطة الثقيلة. أي إنه لا فرق بين المهمة التي كنت بصدد أدائها وبين هاتفك الذكي فكلاهما مهمة ثقيلة وصعبة، فكما أن كتابة التقارير تستهلك الطاقة الذهنية لعقلك فإن تفقد الهاتف الذكي أيضا يستهلك الاستيعاب، ويؤدي إلى نقص حاد في التركيز والذكاء البشري والتشتت الذهني عند الاستجابة للرسائل الالكترونية والتفاعل معها.

ففي دراسة أجراها الدكتور جلين ويلسون لمراقبة معدلات ذكاء الموظفين IQ، وجد أن من يتفقدون هواتفهم ويتفاعلون مع الرسائل الالكترونية أثناء العمل قد فقدوا 10 من نقاط الذكاء أي ستة أضعاف ما خسره مدخنو سيجارة الماريجوانا المعروف بكونهم يفقدون 4 من نقاط الذكاء!

دراسة أخرى تثبت أن إنتاجيتنا تنخفض بنسبة 40% عند التبديل بين المهام المتعددة، كالانتقال من المهمة التي بين يديك إلى هاتفك الذكي.

في مقارنة أجراها الكاتب المتميز لاري كيم فإن الفرق بين الأشخاص الأكثر إنتاجية والأشخاص الأقل إنتاجية يكمن في (أن الأكثر إنجازا يحمون أنفسهم من الاستجابة لأي مقاطعة الكترونية قد تشتتهم عن العمل الذي بين أيديهم هذا عكس الأشخاص الأقل إنتاجية، المعروفين بالتنقل بين المهام والهواتف الذكية).

وبهذا نصل معا إلى الاستنتاج الآتي:

من الطبيعي حصولك على فترات متقطعة من الراحة أثناء العمل، تمارس خلالها أنشطة خفيفة عدا الانشغال بهاتفك الذكي الذي يعد بدوره نشاطا ثقيلا يستهلك كثيرا من طاقتك الذهنية وقدراتك الاستيعابية، مما يقلل من إنتاجيتك ويعود بالسلب على إنجازاتك.

فاحذر أيها الذكي أن تقرض ذكاءك لهاتفك الذكي!