ممدوح التمار

استبشروا وتفاءلوا

الاحد - 03 مايو 2020

Sun - 03 May 2020

عملا بسنة المصطفى عليه الصلاة والسلام الذي كان يبشر أصحابه بقدوم شهر رمضان المبارك قائلا لهم أتاكم رمضان شهر مبارك فرض الله عز وجل عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب السماء وتغلق فيه أبواب الجحيم وتغل فيه مردة الشياطين لله فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم.

لذلك استبشروا وتفاءلوا بالخير تجدوه كما أخبرنا بذلك قدوتنا صلى الله عليه وسلم، فدائما مع المحن تأتي المنح بفضل الله عز وجل فها نحن يوميا نسمع أخبار ساره من قيادتنا الرشيدة رعاها الله لدعم المواطن والأعمال والقطاعات والمجتمع عموما ونشاهد كذلك تقارير عما تقوم به وزارة الصحة وطواقمها البشرية وإمكاناتها الخدمية وقدرتها التشغيلية وخططها الميدانية، وسيطرتها القوية وجهودها المبذولة لاحتواء جائحة كورونا والقضاء عليها بإذن الله تعالى.

وجولات وزارة التجارة وكذلك الصناعة التي تؤكد لنا أن متاجرنا مملوءة بالأرزاق والمواد الغذائية، وبها كامل الاحتياجات الإنسانية اليومية والشهرية والسنوية، وأن مصانعنا بكامل طاقتها التشغيلية والإنتاجية، وليس لدينا نقص أو شح بمنتج أو كمية ولله الفضل والمنة.

ورباط رجال أمننا البواسل وأعمالهم العسكرية الدفاعية والميدانية على أتمها وأكمل جاهزيتها، كما هو وضعها دائما، حيث هي بعد الله عز وجل تجعلنا نعيش بأمن وأمان واستقرار وراحة بال داخل بيوتنا التي نتشوق للعودة لها والمليئة بالخيرات والنعم مع أسرنا وعوائلنا وأبنائنا وبناتنا، الذين نعمل ونتعب من أجلهم وبجوارنا أهلنا وأحبابنا وأصدقاؤنا، أهم أسباب سعادتنا واستمتاعنا بحياتنا.

وإنه بوجود بنية تحتية وشبكات اتصال قوية وتقنيات حاسوبية وتطبيقات وحكومة وتجارة الكترونية يمكننا التواصل معهم، ولا ننقطع عنهم، هذا بجانب إننا نستطيع إنجاز أعمالنا وتلبية طلباتنا وتأمين احتياجاتنا الضرورية والكمالية، وكذلك توفر لنا معظم الوسائل الترفيهية والاجتماعية.

فلنطمئن، نفطنا ومنتجاتنا البترولية وأسواقنا المالية وشركاتنا الاستثمارية ومؤشراتنا الاقتصادية برغم الظروف الحالية والعالمية مستقرة وتتحسن بصورة مستمرة، وأداؤنا ممتاز بشهادة الجهات الرسمية الدولية، وبيئتنا جاذبة للمستثمرين وخططنا ومشاريعنا تسير وفقط الخطط المستقبلية، فنحن في المملكة العربية السعودية أكبر اقتصادات الدول العربية ورئيس مجموعة العشرين، ذلك المنتدى الذي يمثل تلثي التجارة الدولية، وأكثر من 90 % من الناتج العالمي الخام.

فقط نحتاج تغير صورنا الذهنية وكثيرا من أفكارنا السلبية وبعض عاداتنا الشخصية وتقاليدنا الاجتماعية ونكون دائما بطاقة إيجابية والاهتمام بمفهوم الوقاية خير من العلاج، مع النظر لمن حولنا، ونعيش ظروف غيرنا، أليس يقال لنا ضع نفسك مكان الآخر لمعرفة كيفية التصرف والتعامل والتأقلم مع الأحداث والمشكلات والتحديات وإدارة الأزمات واستغلال الإمكانات، لنتمكن من قياس أثر نعم ربنا علينا وما نملكه بأيدينا.

ولنعتبر فترة جلوسنا بالبيت فرصة تضعنا في استعداد نفسي وتجربة فعلية حال تقاعدنا من أعمالنا وفراغ أوقاتنا، وتعلمنا كيفية تنظيم حياتنا وتقابل وضعنا المستقبلي والحتمي والذي يجب أن نعد أنفسنا ونخطط له من الآن حتى لا يفاجئنا ويتعبنا ويدخلنا بكآبة وأمراض، بل نجعله فترة لحياة جديدة بكامل تفاصيلها، ولكن كل ذلك لا يأتي إلا بالرضاء والتعود والالتزام بنمط نفسي وفكري و سلوكي وعملي وجديد لكل ما هو مفيد.

وأعتقد هي كذلك مهمة للدول والمجتمعات وقطاعات الأعمال وحتى للأسر والأفراد بوصفها حالة مرضية عالمية، هددت حياة البشرية تحتاج دراسة وبحث في إيجابياتها وسلبياتها، وأثرها على مختلف مناحي الحياة والنشاطات والفعاليات والممارسات والخدمات، حيث من المؤكد أنه يستخلص منها تشريعات وتنظيمات وقوانين وقرارات تعيد ترتيب الأولويات والاهتمامات وراح تشكل لنا عادات وتفرض علينا نمط جديد للعلاقات والمناسبات.

فيروس كورونا يحتم علينا الشعور بالآخر والإحساس بمعاناته ومعرفة احتايجاته وتلبية طلباته وتخيل إمكاناته وحجم مدخراته للتوازن حياتنا، وتحسين قرارتنا وتصرفاتنا والرضاء بأقدارنا، فنحن لسنا بمخيمات ولا أماكن صراعات وليس لدينا أزمات ولا ضعف إمكانات ونقص موارد، أو قل احتياجات ولا مجاعات وكوارث وإضرابات، وكذلك لا عنف أو ضغوطات وتعديات ومظاهرات وانتهاك للحقوق والكرامات.

إننا بنعم لا تعد ولا تحصى ولله الحمد والفضل ومن أعظمها أننا أدركنا شهر رمضان المبارك ونحن بصحة وسلامة وتفرغ تام للطاعات والعبادات وكسب الحسنات، لأنه ليس لدينا ما يشغلنا ويهدر أوقاتنا من المناسبات والزيارات والارتباطات.

وكل ما علينا أن لا نحبط أنفسنا ونشوش أفكارنا ونضعف إيماننا، وأن نتعامل مع جائحة كورونا بمزيد من الوعي والاستيعاب والحكمة والصبر والاحتساب، لأن ذلك ولا شك قدر الله عز وجل لنا وللأمة بأكملها، وأن الضيقة والجزع والانزعاج والتوتر والخوف لأن تغير شيئا من حالنا، وأن سلاحنا الوحيد وعملنا الأكيد يكمن في اللجوء إلى الله سبحانه وتعالى والدعاء بأن يرفع هذا الوباء والابتلاء عن البلاد والعباد، وأن يعيدنا لحياتنا الطبيعة، ونحن بأحسن حال في كل شيء.