سمر محمد السقاف

كم أشتاق لبيت جدتي!

الثلاثاء - 21 أبريل 2020

Tue - 21 Apr 2020

يمر العالم في محنة الوباء العابر للقارات (كورونا المستجد) ولا يخفف عني بطء الساعات إلا قلمي فإنه يحرك في المشاعر، وينساب تفاعلا مع الأحداث، وجدته يتحرك صوب أحفادي حيث يقتلني الشوق والحنين إليهم، وكم أتمنى لقاءهم في كل لحظة.

ما زلت تلميذة أبحث عن سر الحب الغزير الكامن في وجداني لأحفادي وضعفي أمامهم. الحفيد ذلك الكائن الجميل الذي يدخل إلى قلبك قسرا وتتطوع القوانين والتعليمات في بيت الجدة لإسعاده.

ويحتضن ذلك البيت الجدة التي نأخذ منها الإرشادات والتعليمات والوصايا الحكيمة، فمن منا لم يخلد في ذاكرته حكمة أو وصيتة من جدته ظلت عالقة في ذهنه يكبر يوما بعد يوم ويتذكر! وكل ما نضج اكتشف جدوى تلك الوصايا، وكم كانت حامية له من تقلبات العصر بإذن من الله.

وكم أشتاق الآن إلى بيت جدتي وحضنها، التي تتواصل معنا يوميا بوسائل التواصل الاجتماعي بعد صلاة المغرب.

وفي ظل الحجر الصحي حاولت أن أكون الجدة المشاكسة الوصية على أحفادها، لكني اكتشفت أني أمام حفيد متمرد بتكنولوجيا العصر الحديث، إنه جيل اليوم! حاولت أن أقنعه بأن يدخل مسابقة مدرسية لأكافئه بعد حين، لكن من غير جدوى، قال لي إن الذهاب إلى بيتك ممنوع الآن يا جدتي والعقاب بالحرمان منك غير مجد، حاولت أن أغريه بمكافأة مالية لكي يسجل في المسابقة، رد علي: ماذا سيفعل المال الآن؟ لا أستطيع أن أشتري ما أريد أو أذهب للملاهي والسينما، فقلت له: اشتر ما تريد بالانترنت، رد علي بالعناد نفسه: أنا لا أشتري بضاعة قبل أن أشاهدها وأجربها.

إنه الجيل الرقمي والألعاب الذكية يا ساده.

جلست أفكر في الأيام الخوالي، وأتساءل عن هذا الجيل من الأحفاد، هل تعود على الجوائز المادية فقط ؟ ماذا عن المكافآت المعنوية التي كانت تهمنا أكثر من أي شيء؟ أين الاشتياق إلى العطف والحب والأحضان وجمعة بيت الجدة؟ أين أنتم من جيل القصص الليلية التي كنا نتحمس لسماعها قبل النوم؟ تذكرت قصص ألف ليلة وليلة وكيف كانت شهرزاد تحكي لشهريار القصة تلو القصة مما جعله يقع في حبها ويؤجل قتلها كبقية عرائسه.

جيل أحفادنا يسمى جيل ما بعد الألفية، لن تجدي معه قصة كليلة ودمنة ولا قصص ألف ليلة وليلة ولا قصة سالي أو كابتن ماجد، لن ينجذب إليها فهو يعيش القصة كاملة في عالم الألعاب الافتراضي، الذي ينجذب للمحتوى المقدم له لنحو 8 ثوان! مقارنة بـ 12 ثانية لدى جيل الألفية، مقارنة بجيلنا الذي أعتقد أنه كان ينشد بالكامل لأصابع الزمن وخالتي قماشة وبنك المعلومات وقصص جدتي الممتعة!

بالمناسبة توصلت في النهاية إلى سحق تمرد حفيدي، واستعملت سلاح الغيرة معه، واتفقت معه على أن أصطحب جميع أحفادي في رحلة جميلة إن وافق على دخول المسابقة، كان من ضمن العائدين طوعا، وأخبرته بأنني سأفخر به حتى وإن لم يفز بالمسابقة.

أيها الجدات العزيزات علينا أن ندرس خصائص جيل أحفادنا لكي نعرف أفضل الطرق للتواصل معهم، ولكي يبقى بيتي وبيتك وبيت كل جدة هو الحلم والملاذ.

تحياتي لكل جدة أحرقها الشوق لأحفادها فأنا أشاطركن الحنين نفسه.

الأكثر قراءة

جميلة عادل فته

رجال الأمن.. رجال