عبدالعزيز أبوهبشة

التداعيات الأخلاقية والقانونية للطب الاتصالي

الثلاثاء - 14 أبريل 2020

Tue - 14 Apr 2020

حظي الطب الاتصالي مؤخرا خاصة مع الثورة المعلوماتية والتطور الهائل في مجال تقنية الاتصالات بمزيد من الاهتمام والانتشار، خاصة أنه يسهم وبشكل مباشر وغير مباشر في تخفيف العبء الاقتصادي للميزانية المرصودة للصحة، وكذلك في تسهيل حصول المجتمعات الفقيرة على الرعاية الصحية بأقل تكلفة، كما تخفف ضغط العمل على المنشآت الصحية، مما يسهم في تحسين جودة الحياة ورفع مستوى الرفاهية.

وعلى الرغم من المستقبل الواعد لفروع الطب الاتصالي المختلفة، إلا أنه يعتمد على الواقع الافتراضي في الاتصال بين الطبيب ومريضه، وكذلك في جمع وإدارة وتبادل البيانات ونظرا لحداثة المجال ووجود كثير من التقاطعات التي قد تحتاج إلى إعادة النظر مع أخلاقيات ممارسة المهنة، إضافة لكثير من التداعيات القانونية الناتجة عن طبيعة الممارسة الطبية.

إن كون الطب الاتصالي في أساسه يستند على التواصل الافتراضي بين مقدم الخدمة والمستفيد، وفي ظل حداثة المجال فإن هناك لغطا كبيرا يدور فيما يتعلق بالمهارة والقدرة على ممارسة عملية التشخيص ووصف العلاج عن بعد ومدى دقة ذلك، خاصة مع غياب التدريب المسبق، والاعتماد على الخبرات السريرية المتراكمة قد لا يكون كافيا لتعزيز قدرة مقدم الخدمة على إيصالها بالشكل الأمثل.

وفي الوقت الذي اعتاد فيه كل من المريض والطبيب على التواصل المباشر، فإن الطب الاتصالي يفتقد ذلك، مما قد يوقع أحدهما أو كليهما فريسة سوء الفهم أو عدم القدرة على إيصال المعلومة، خاصة إذا ما عرفنا أن كل معلومة تسهم وبشكل رئيس في التشخيص النهائي، ولما كانت الثقة تعتبر حجر الأساس في العلاقة بين الطبيب والمريض فإن العلاقة الافتراضية قد تقوض هذه الثقة أو تؤثر عليها سلبا.

وبعيدا عن العلاقة بين الطبيب ومريضه، فإن حماية حقوق المريض وخصوصيته وسرية المعلومات فيما يخص ممارسة الطب الاتصالي وما يتعلق بالتطبيقات المستخدمة، هي محل أخذ وجذب بين المخططين والمشرعين من جهة وبين المتعصبين للطب الاتصالي من جهة أخرى.

الجميع لا يختلف على أهمية الطب الاتصالي وتأثيره الإيجابي المنتظر، غير أن مراجعة القوانين واللوائح الحاكمة لحماية حقوق المريض وخصوصيته وضمان سرية معلوماته وحوكمة مناقلة المعلومات من الأهمية بمكان لمواكبة التطور المتسارع في المجال، والسير بالتوازي مع الاحتياج المتواصل لتفعيل الطب الاتصالي على أوسع نطاق، ليس فقط لتخفيف العبء الاقتصادي ولكن أيضا لإيصال الخدمة لكل المستحقين، ولما كان الاعتماد على الحوسبة السحابية أساسيا وما قد تتعرض له من هجمات القرصنة واردا فإن حماية المعلومات وأرشفتها جانب أخلاقي وقانوني هام، يستلزم تعاون كل التخصصات ذات العلاقة للخروج بمذكرات تخدم في مجملها الصالح العالم.

علينا ألا نغفل الحوكمة القانونية والأخلاقية للطب الاتصالي، وبسبب حداثة التجربة السعودية بشكل خاص والعالمية بشكل عام، فإن الاستعانة بالمستفيدين من الخدمة والتعرف على مرئياتهم مهمان جدا، لأن اللوائح القانونية والأخلاقية تستهدف بالدرجة الأولى حماية المستفيد وضمان تحقيق أعلى درجات العدالة. وتحقيق كل ذلك مرهون بتضافر الجهود وتكامل التخصصات والانفتاح على التجارب العالمية التي أثبتت نجاحها، بعد تكييفها بما يتناسب مع الاحتياج، مع مراعاة الموازنة بين العوامل المؤثرة المختلفة لضمان تحقيق الفائدة المرجوة.

@AAbuhabshah