أحمد مسعد المطيري

إدارة استمرارية الأعمال..ضرورة تأكدت الآن

الثلاثاء - 14 أبريل 2020

Tue - 14 Apr 2020

إن الأحداث غير الاعتيادية هي التي تظهر جودة التخطيط التشغيلي والاستراتيجي للمنشآت، فمن الأمور المسلم بها أن الأحداث الطارئة وغير الاعتيادية والكوارث والأزمات يمكن حصولها في أية لحظة، ولجميع المنشآت سواء حكومية أو خاصة، وهذه الأحداث غالبا ما يختلف تأثيرها على المنشأة، فقد تتسبب في توقف مؤقت لتقديم الخدمات والمنتجات أو تتسبب بشلل تام لها، وبالتالي إنهاء حياتها.

أظهرت جائحة كورونا المستجد أهمية تبني وتطبيق أدوات الجودة للمنشآت بشكل عام، كثير من المسؤولين لا يؤمن بأهمية العمل على تأصيل مفاهيم الجودة وجعلها ثقافة مؤسسية في المنشأة، والبعض الآخر يعتبرها أداة تسويقية للمنشأة يمكن استثمارها إعلاميا أو الاستغناء عنها نظرا لاعتقاده بعدم جدواها.

في الفترة الأخيرة، رأينا تعطلا كاملا لأعمال بعض المنشآت لفترة تجاوزت الأسبوعين، ورأينا تعطل بعض الخدمات والمنتجات لفترة أطول، وشاهدنا صعوبة في التواصل أو انقطاعا تاما في التواصل الداخلي أو الخارجي مع المستفيدين بحسب قدرات كل منشأة.

الخيارات كانت صعبة على المنشآت، والقرارات الاحترازية التي اعتمدتها الدولة رعاها الله لا يمكن تكييفها حسب قدرات المنشآت، بل يجب أن تكون المنشآت جاهزة للسيناريوهات الأسوأ دوما.

أصدرت المنظمة الدولية للتقييس ISO مواصفة قياسية معنية بإدارة استمرارية الأعمال ISO 22301 كانت أول نسخة منها في مايو 2012، وحدثتها في أكتوبر 2019، هذه المواصفة توضح المتطلبات الواجب توفرها في المنشآت والإجراءات الواجب اتخاذها لكي تضمن أنها قادرة عند تطبيقها بالشكل الأمثل، والاستمرار في تقديم خدماتها ومنتجاتها بشكل جيد عند حدوث كوارث أو أزمات أو أية أحداث غير اعتياديه.

وتركز المواصفة على عدد من المراحل المهمة، ابتداء من التزام القيادة والإدارة العليا بتطبيق هذه المواصفة وتقديم الدعم الكامل لذلك، وأهمية إشراك كل إدارات المنشأة الرئيسية في العمل على تنفيذ المراحل الرئيسية، التي تتمثل في رصد كل المخاطر المحتملة لكل إدارة أو على مستوى المنشأة بشكل عام، وتحليل مدى تأثير كل منها على تقديم الخدمات والمنتجات، سواء في توفر الخدمة أو المنتج أو تكلفة تقديمها أو مدة تقديمها، ومن ثم وضع الحلول الممكنة للتعامل مع هذه المخاطر بقبول حدوثها أو بإحداث تغيير إيجابي مع حساب تكلفة التغيير إن وجد، والاستمرار في متابعة تطبيق إدارة التغيير ورصد رضا المستفيد أولا بأول، وإجراء التحسينات المستمرة حتى تستمر جودة الخدمة أوالمنتج بالمستوى نفسه قبل حدوث مثل هذه الأحداث.

ولتبسيط هذا المفهوم، سأستعرض بعض الأمور المهمة على النحو الآتي:

• اعتماد الأنظمة والحلول التقنية التي يمكن من خلالها استمرار تطبيق إجراءات العمل بشكل مؤسسي عن بعد، أحد أبرز الحلول التي يجب أن تفكر بها المنشآت وتعمل على توفيرها، في حال وجود مخاطر تحد من الوصول إلى مقرات العمل.

• توفير مخزون كاف من المواد الرئيسية التي تدخل في العملية التصنيعية متطلب مهم يجب الاعتناء به، ومتابعته بشكل مستمر في حال وجود مخاطر تتمثل في انقطاع سلسلة التوريدات والإمدادات الدولية أو المحلية.

• توفير مخزون كاف من المنتجات المصنعة لفترة معينة، في حال وجود مخاطر تتمثل في إيقاف العمل ومنع التجول، وبالتالي توقف الإنتاج.

• تجهيز متاجر الكترونية للمنشآت الصناعية أو الاشتراك في متاجر قائمة، في حال وجود مخاطر تتعلق بإقفال منافذ البيع التقليدية.

• توقيع شراكات تعاون مع منشآت محلية ودولية، يمكن الوفاء بالالتزامات المتعثرة جراء أية مخاطر بعد زوالها مباشرة.

مع ضرورة تقييم الأداء خلال فترات الأزمات والكوارث، وإعادة ترتيب الخطط التشغيلية بشكل مستمر للتقليل من الآثار المرتبطة بهذه الأحداث.

وللتأكد من التطبيق الأمثل لمواصفة استمرارية الأعمال، فإنه يتوجب على المنشآت الحصول على شهادة نظم إدارة استمرارية الأعمال، وفقا للمواصفة القياسية ISO22301 من إحدى جهات منح شهادات نظم الإدارة المعتمدة دوليا، والحذر من تجار الشنطة الذين يمنحون مثل هذه الشهادات دون التثبت من التطبيق الأمثل للمنشآت، وهو الخطر الكبير الذي يجب الحد منه وإنهاؤه في أسواقنا.

@ahmedmuati