سلافة القطب

معادلة النظام الصحي على محك كوفيد-19

الأربعاء - 25 مارس 2020

Wed - 25 Mar 2020

أوردت في كتابي الصادر عام 2018 تحت عنوان «أساسيات العمل في القطاع الصحي» بعضا من المقومات الأساسية لتسيير البرامج الصحية، والمرتبطة مباشرة بالأهداف الاستراتيجية المراد تحقيقها من قبل القطاع الصحي.

لقد حُددت المقومات بأربعة عناصر، أولها، التعليم والتدريب المستمر للقائمين عليه. وثانيها، توفر الكوادر المؤهلة في مجال البرنامج. وثالثها، توفر الدعم والمساندة والقيادة. ورابعها، استدامة توفير الموارد اللازمة لتسيير البرنامج بلا انقطاع، وهذا ما يسمى بالاستدامة بأبعادها المادية والفنية والإدارية.

وباعتبار أن النظام الصحي في المملكة هو أحد روافد التنمية المستهدفة في خطط المملكة لتحقيق رؤية المملكة 2030 أصبحت الضرورة ملحة لاتباع «إطار النظام الصحي» المعتمد من قبل منظمة الصحة العالمية منذ 2008. ويتضمن الإطار إضافة إلى العناصر الأربعة السابقة عناصر أخرى لا يتسع المقام لذكرها، حيث إن العناصر الثلاثة الأولى آنفة الذكر تعتمد على القيادة وإدارة الموارد البشرية كمدخل للنظام. أما العنصر الرابع فيعد أحد المخرجات المضمونة، شريطة إدارة العناصر الثلاثة الأولى فيه بشكل جيد، وذلك من خلال تقصي وتحليل مصادر المعلومات. معادلة النظام الصحي كأي معادلة كيميائية أو رياضية، فهي تخضع لقانون البناء المنطقي من مدخلات وعمليات ومخرجات بمستهدفات محددة، والشواهد والأدلة والبراهين العلمية ضمنت للأنظمة الصحية الوصول إلى مخرجات النظام الصحي على النحو التالي:

أولا: تحسين في صحة أفراد المجتمع مع تقليل الفجوة في الوصول إلى الخدمات الصحية لدى كل طبقات المجتمع

ثانيا: الاستجابة لاحتياجات الإنسان الصحية، مع الحذر من الانجراف إلى الاستجابة لطلباته التي قد تكون رفاهية في بعض من الأحيان.

ثالثا: الوصول إلى معدلات كفاءة عادلة من الإنفاق على الخدمات الصحية.

رابعا: ضمان الحماية الاقتصادية والمجتمعية للأفراد من العوز والديون نتيجة الإنفاق الزائد على الخدمات الصحية.

وما كان لجميع تلك المخرجات أن تتحقق سوى من خلال إدارة مدخلات المعادلة بالشكل الصحيح، لتحقيق مستهدفات تُخضع الأنظمة الصحية للمقارنة الدولية وفق أسس وأرقام معيارية، وبالتالي تمكن الأنظمة الصحية من تحقيق نجاحات في اختباراتها، وتحقيق مستهدفاتها المستدامة.

وبغض النظر عما يحتمه الوضع الراهن من الاستجابة العالمية، وتفعيل خطط الطوارئ والأزمات وإدارتها بالشكل المناسب، لقد شاهدنا نتائج ومخرجات تدل على إخفاقات في أنظمة بعض الدول المتقدمة، وكذلك عجزها عن حماية صحة مواطنيها. وقد يرجع ذلك إلى أسباب عدة، أحدها فاعلية أنظمة الصحة العامة ومدخلاتها لدى تلك الدول، أو وجود خلل في مدخلات النظام الصحي ومكوناته، أو قد يعود ذلك إلى التأخر في تفعيل إدارة خطط طوارئ الصحة العامة، وكل ذلك يستدعي المراجعة والدراسة لمعرفة أسباب الإخفاق في تحقيق المخرجات، وبالتالي المستهدفات.

كلمة أخيرة، أتمنى أن أكون أوضحت محورا من محاور اختبار النظام الصحي، وإلى أن تزول تداعيات تلك الجائحة لا بد من التخطيط الجيد في الإنفاق للحفاظ على مكتسبات نظامنا الصحي ومقوماته، مع الإبقاء على كل التدابير والتدخلات التي من شأنها أن تحمي المجتمع والنظام الصحي من تبعات ما يطلق عليه «طوارئ الصحة العامة».

DrSulafaAlQu@