مشعل خليل فرج

حوكمة الشركات في زمن الكورونا

الأربعاء - 18 مارس 2020

Wed - 18 Mar 2020

مع انتشار فايروس كورونا وإعلان منظمة الصحة العالمية أن الفايروس وباء عالمي، كثير من الدول قامت بإجراءات احترازية لاحتواء تفشي الفايروس الذي ذهب ضحيته العديد من الناس، أغلب الدول اتبعت الإجراءات نفسها تقريبا، فقد تم إغلاق المدارس والجامعات وإلغاء المناسبات الرياضية والرحلات الجوية، مما قيد حركة المسافرين حول العالم.

هذه الإجراءات تركت أثرها على الاقتصاد العالمي، فالتجارة الدولية والسياحة والاستثمار تعيش في حالة غموض ومن المتوقع أن يكلف الفايروس الاقتصاد العالم تريليون دولار وفقا لبعض التقديرات.

الشركات السعودية ليست بمعزل عن تأثيرات الفايروس، فالغموض يخيم على أغلب القطاعات ويتوقع أن تواجه صعوبات شبيهة بالصعوبات التي تواجهها الشركات حول العالم. وهنا يتم اختبار كفاءة وفعالية نظامي الحوكمة والالتزام اللذين تتبعهما هذه الشركات، مما يجعل أداء مجلس إدارة الشركة وإدارتها التنفيذية تحت المجهر.

تفشي فايروس كورونا يعتبر من المخاطر الظاهرة، وتأثيراته المحتملة محفوفة بالغموض، وهذا يتطلب من مجلس إدارة الشركة المساهمة أن يبادر في إيجاد استراتيجيات مناسبة لاحتواء مخاطر الفايروس المحتملة، والتي قد تؤثر على أداء الشركات وقدرتها على تلبية التزاماتها. وأفضل خطوط الدفاع في مثل هذه الحالات للشركات هو تبني استراتيجيات قادرة على التخفيف من التأثيرات المصاحبة للفايروس، وهنا يأتي دور مجلس إدارة الشركة.

وفقا لنظام الشركات ولائحة حوكمة الشركات السعودية يتمتع مجلس إدارة الشركة بأوسع الصلاحيات في إدارتها وتوجيه أعمالها بما يحقق أغراضها ومن ذلك وضع الاستراتيجيات والخطط والسياسات والتأكد من أنظمة الرقابة لإدارة وقياس المخاطر.

المتوقع من مجلس الإدارة، وهو يتمتع بهذه الصلاحيات، في زمن الكورونا أن يجيب عن أسئلة معينة مثل: هل لدى الشركة سياسات واستراتيجيات تخفف من المخاطر المتوقعة من انتشار الفايروس؟ هل لدى الشركة خطط بديلة لسد احتياجاتها إذا توقف الموردون الحاليون عن تزوديها باجتياحاتها؟ هل تمتلك الشركة نظاما رقابيا فعالا يمكن مجلس الإدارة من التأكد من أن ممارسات الشركة تتوافق مع المتطلبات الصحية الصادرة عن الأجهزة الحكومية؟ إذا لم يكن هناك إجابات لمثل هذه الأسئلة قد تتعرض الشركة للمساءلة والمطالبات القانونية.

تختلف الأزمة التي خلقها فايروس كورونا عن الأزمة المالية في 2008 في أن الفايروس يعد خطرا خارجيا غير معروف المصدر متعلقا بالصحة العامة، بينما أزمة 2008 كانت معلومة المصدر ومتعلقة بالقطاع المالي، وهذا سهل من القدرة على التنبؤ بها ورسم سياسات وخطط لاحتوائها. بوجود تلك الاختلافات قد يكون غير جيد للشركات اتباع الخطط نفسها التي تبنتها خلال فترة الأزمة المالية لمواجهة الآثار المحتملة للفايروس.

ألزم النظام واللائحة المشار إليهما أعلاه مجلس الإدارة ببذل العناية في إدارة شؤون الشركة، ويسألون عن الضرر الذي يصيب المساهمين أو الغير، الناشئ عن إساءتهم تدبير أمور الشركة، وهذه العناية تختلف باختلاف المرحلة التي تمر بها الشركة، فتزداد درجة العناية المطلوبة في مرحلة الأزمات أكثر من المراحل العادية. لذلك على أعضاء مجالس الإدارات والإدارات التنفيذية عدم التعويل دائما على الأزمة، في الحالات التي يسيئون فيها إدارة الشركة كمبرر لانخفاض أداء الشركة أو خسارتها.

MeshalFaraj@