عبدالحليم البراك

حياتنا شاشات

الاثنين - 20 يناير 2020

Mon - 20 Jan 2020

لو قدر لك أن تهتم وتعتني أكثر بشيء، فاهتم بعينيك، واعتن كثيرا بأسنانك، فالمستقبل يعتمد على عينيك وحياتك تعتمد على أسنانك.

عليك أن تهتم بعينيك لأن حياتنا تحولت إلى شاشات، كل شيء أصبح شاشة، حتى تكاد تختفي الحياة الطبيعية عن عينيك، فلا تراها إلا من خلال الشاشات، فالشارع الذي يقع عليه بيتك تراه من خلال شاشات المراقبة أكثر مما تراه وأنت خارج من بيتك، وسيارتك مليئة هي الأخرى بالشاشات، فبالكاد تنتبه للطريق وأنت تركب سيارتك، تحيط بك الشاشات من كل مكان، شاشة القيادة الأمامية، وشاشة مساعدة في منتصف السيارة توضح خارطة الطريق أو طريقة إدخال الصوت، والمقاعد الخلفية فيها من الشاشات بعدد الركاب، أما السيارات الأكثر رفاهية فتوجد فيها شاشة شفافة على زجاج السيارة تعطيك بعض المعلومات - وليس كل المعلومات - التي في الشاشات الأخرى، وما إن تصل إلى عملك، فشاشة البصمة وشاشة بطاقة الدخول للمبنى، بعد أن استخدمت شاشة الدخول للمواقف.

وما إن تدخل المكتب حتى تصطدم بأربع شاشات رئيسة في مكتبك، شاشة الاتصال المرئي (Conference Call) وشاشة تلفزيونية للربط بين الحاسب الشخصي وشاشة العرض التي يمكن أن تشارك معلومات كمبيوترك مع الآخرين أثناء الاجتماع، وبالتأكيد لديك حاسب شخصي على مكتبك، وشاشة هاتفك المحمول أيضا. والذي يظهر لي أن الشاشات تزيد وتنقص بحسب منصبك وطبيعة عملك ومدى تعلقك بالتقنية، لكنها لن تقل عن شاشتين في كل مكتب على الأقل (شاشة الحاسب الآلي، وشاشة الهاتف المحمول).

لم تنته الحكاية، ففي الشارع ترى شاشات تلفزيونية إعلانية، وفي المطار شاشات الرحلات وشاشات إعلانات وشاشات تلفزيونية، وفي أماكن الانتظار والمعارض وحتى غرف المرضى في المستشفيات وأقسام الطوارئ توجد فيها شاشات، والطبيب يحتاج مزيدا من الشاشات، شاشات لقراءة الأشعة وأخرى لاستدعاء معلومات المريض وإدخال التشخيص والتاريخ المرضي، وشاشة صغيرة تخبر المريض بموعد دخوله، وشاشة أصغر تخبر الطبيب بعدد المرضى في الانتظار (يعني استعجل في إنهاء المريض لتكسب من مريض آخر). في المطاعم اتجه الملاك إلى عدم طباعة قائمة الطعام على ورق، والاكتفاء بشاشة (الآيباد أو أي تابلت آخر!).

هل انتهى الأمر أم لا؟ الحقيقة أن الموضوع لم ينتهِ بعد، ولن ينتهي، فالبيت يحتاج سيلا من الشاشات المتنوعة، ويهجر أهله تقنية ويذهبون لتقنية أخرى، وكل تقنية مرتبطة بنوع آخر من الشاشات، والعمل شاشات والمعارض والمحلات التجارية تحتاج شاشات، بل يصل الأمر، وكلنا نعرف هذا، إلى أن في صالون أي بيت أكثر من عشر شاشات تعمل في لحظة لعائلة مكونة من خمسة أشخاص، وكل ما عليك أن تُعمل عقلك في اكتشافها!

ألا يدفعك كل هذا للعناية بعينيك؟ الأمر أخطر من هذا، فعيناي وعيناك مستهدفة بهذه الشاشات، فلتكن عنايتك بهما كبيرة، ليس هذا فحسب، معظم التعاطي مع الشاشات يعني أن تأكل وأنت ترقب وتراقب وتسمع وتستمتع به، فأنت تأكل حتى يمضي الوقت بسلام وهذا يعني أنك تحتاج أسنانا قوية وصحية، وبناء عليه أنصحك بالعناية أيضا بأسنانك.

ستقول: ماذا عن المشي والصحة والرياضة؟ هي الأخرى متوفرة لكن في الشاشات، فالأندية الصحية تنشر الشاشات في أرجاء النادي، وأجهزة وتقنية (VR) تسمح لك بالاستمتاع بالنظر في الشاشات ثلاثية الأبعاد وأنت تمشي، لكنك تحتاج إلى من يقودك كأعمى، فتكون صحيا ومحبا للتقنية في وقت واحد. وكل عام وأنا وأنتم نعيش حياة من شاشات متنوعة وصحة قوية بإذن الله!

Halemalbaarrak@