خزائن التفكير.. كيف تمول وما هو تأثيرها؟

الأربعاء - 08 يناير 2020

Wed - 08 Jan 2020

خزائن التفكير أو مراكز الأبحاث أو المؤسسات الفكرية، كلمات انتشرت أخيرا، وظهر عدد من الخزائن في الدول العربية، والتي احتلت مركزا جيدا في تصنيف أفضل خزائن التفكير حول العالم، ولم تغب السعودية عن القائمة، ولكن السؤال هو: ما هي خزائن التفكير، ما هو عملها، وكيف يمكن إنشاء واحدة؟

خزائن التفكير

هي منظمات قومية أو غير ربحية تهدف لتقديم المشورة لمن يطلبها، وهي تشمل مراكز الأبحاث وتهتم بشتى حقول المعرفة الطبية والتقنية والهندسية وكل مناحي فروع المعرفة، وإذا حددت أجرا معينا تكون ربحية، أما إذا استعانت بها الدول في مناقشة قضية معينة وبخاصة إذا كانت استراتيجية أمنية مثل مؤسسة راند فتكون مؤسسة غير ربحية تخضع للدولة.

ويعمل معهد البحوث الذي عادة ما يمول بشكل مستقل مع مجموعة من الخبراء المتداخلين الذين شاركوا في دراسة قضايا السياسات في قطاع الأعمال والحكومة. طبق هذا المصطلح للمرة الأولى في عام 1940 لصالح شركة راند التي يجري تمويلها بشكل كبير من قبل مؤسسة فورد، ويتم تطبيقها الآن بشكل فضفاض على أي مجموعة تم تشكيلها لحل مشكلة ما أو لدراسة موضوع معين.

في القواميس

عرفها قاموس ميريام وبستر بأنها مؤسسة أو مجموعة لدراسة موضوع معين (مثل قضية السياسة أو مشكلة علمية) وتوفير المعلومات والأفكار والمشورة.

بينما عرفها قاموس كولينز بأنها مجموعة من الخبراء الذين تجمعهم منظمة ما، خاصة من قبل الحكومة، من أجل النظر في المشاكل المختلفة ومحاولة إيجاد طرق لحلها.

وذكر قاموس كامبردج بأن الخزائن جمعت مجموعة من الخبراء، عادة من قبل الحكومة، لتطوير أفكار حول موضوع معين وتقديم اقتراحات للعمل.

تاريخ الفكرة

تعد أكاديمية Jixia أول خزينة تفكير استنادا للسجلات التاريخية، حيث ينسب الفضل عموما إلى الملك شوان، ويعود تاريخ تأسيسه إلى نحو عام 318 قبل الميلاد. وكانت المرة الأولى التي تبدأ فيها دولة ما العمل كراع للمنح الدراسية انطلاقا من الاقتناع الواضح بأن هذه الوظيفة مناسبة للدولة.

وفقا لمؤرخ جامعة جنوب كاليفورنيا جاكوب سو، فإن مصطلح «مؤسسة فكرية أو خزائن تفكير» حديث، ولكن «يمكن إرجاعه إلى الأكاديميات الإنسانية والشبكات العلمية من القرنين السادس عشر والسابع عشر».

يلاحظ سول أنه في أوروبا، تعود أصول مؤسسات الفكر والرأي إلى القرن الثامن الميلادي، عندما بدأ الأباطرة والملوك يتجادلون مع الكنيسة الكاثوليكية حول الضرائب، وهو تقليد لتوظيف فرق من المحامين المستقلين لتقديم المشورة للملوك حول امتيازهم المالي والسياسي ضد الكنيسة الممتدة من شارلمان على طول الطريق إلى القرن السابع عشر، عندما كان ملوك فرنسا لا يزالون يتجادلون حول ما إذا كان لديهم الحق في تعيين أساقفة والحصول على جزء من دخلهم، وأصبحت فرق الأبحاث مستقلة في أواخر القرن السادس عشر وأوائل القرن السابع عشر، عندما اعتمدت الدول في كثير من الأحيان على العلماء المستقلين وخبرتهم.


  • تأسس عدد من مراكز الفكر الحالية الكبرى في القرن التاسع عشر. على سبيل المثال، تأسس معهد دراسات الدفاع والأمن (RUSI) في عام 1831 في لندن، وكذلك جمعية فابيان في عام 1884.



  • تأسست أقدم مؤسسة فكرية أمريكية، مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، في واشنطن العاصمة في عام 1910 من قبل أندرو كارنيجي. وقد كلف كارنيجي الوصي على استخدام الصندوق لتسريع إلغاء الحرب الدولية، وصمة عار على حضارتنا.



  • تأسس معهد بروكينجز بعد ذلك بوقت قصير في عام 1916 من قبل روبرت إس. بروكينجز، وتم تصميمه كمركز أبحاث «من الحزبين» على غرار المؤسسات الأكاديمية وتركز على معالجة مسائل الحكومة الفيدرالية.



  • بعد عام 1945، ازداد عدد المعاهد السياسية مع تشكيل العديد من المؤسسات الصغيرة الجديدة للتعبير عن مختلف جداول الأعمال والسياسة.



  • حتى أربعينيات القرن العشرين، لم تكن معظم مؤسسات الفكر والرأي معروفة إلا باسم المؤسسة.



  • خلال الحرب العالمية الثانية، أشارت عبارة «مركز التفكير» في العامية الأمريكية في زمن الحرب إلى غرف ناقش فيها الاستراتيجيون تخطيط الحرب. في وقت لاحق استخدم المصطلح للإشارة إلى المنظمات التي قدمت المشورة العسكرية مثل مؤسسة راند، التي تأسست في عام 1946 كفرع لشركة دوغلاس للطائرات وأصبحت شركة مستقلة في عام 1948.



  • في القرن العشرين، وجدت معاهد مستقلة للسياسة العامة قامت بأبحاث وقدمت المشورة بشأن السياسة العامة بشكل أساسي في الولايات المتحدة، مع وجود عدد أقل بكثير في كندا والمملكة المتحدة وأوروبا الغربية.



  • على الرغم من وجود مراكز بحث في اليابان إلا أنها كانت تفتقر بشكل عام إلى الاستقلال، ولها ارتباطات وثيقة مع الوزارات أو الشركات الحكومية.



  • كان هناك انتشار حقيقي لـ»مؤسسات الفكر والرأي» حول العالم التي بدأت خلال الثمانينيات نتيجة للعولمة، ونهاية الحرب الباردة، وظهور مشاكل عبر وطنية.



  • أنشئ ثلثا جميع مراكز الأبحاث الموجودة اليوم بعد عام 1970 وتم تأسيس أكثر من نصفها منذ عام 1980.






خصائصها

هذه المنظمات لديها عدد من الخصائص المشتركة، وذلك بحسب الموسوعة البريطانية وهي:


  • تركيز سياساتهم، وهو ما يعني أن هدفهم هو الجمع بين المعرفة وصنع السياسات من خلال الإعلام والتأثير، فتعمل مراكز الفكر والرصد على إعادة البحوث التي تهدف إلى حل مشكلات السياسة، وليس فقط لدفع النقاش النظري.



  • الغرض العام، والذي يشير إلى سبب وجود مراكز الفكر. تدعي معظم مؤسسات الفكر والرأي أنها تجري أبحاثا لإطلاع الجمهور والحكومة على كيفية تحسين السياسة العامة.



  • تعد الخبرة والكفاءة المهنية لموظفي الأبحاث الموارد الفكرية الرئيسة لمراكز الفكر وطريقة لإضفاء الشرعية على النتائج التي توصلوا إليها.



  • الأنشطة الرئيسة لمؤسسات الفكر والرأي عادة ما تكون تحليلات بحثية ومشورة، والتي تأتي في شكل منشورات ومؤتمرات وندوات وورش عمل.






تصنيفها

أدى تنوع المنظمات التي تندرج تحت مصطلح فكرية إلى خلق أربعة أنماط وهي:


  • الخزينة الأيديولوجية، التي تشير إلى المنظمات التي لها فلسفة سياسية محددة بوضوح، أو فلسفة أيديولوجية أوسع؛ وهي مؤسسات تأسست للبحث وحل المشاكل والضغط على المشرعين لتبني حلولهم.



  • الخزينة المتخصصة، والتي تشمل المعاهد التي لها تركيز مواضيعي. أكثر المواضيع شيوعا هي السياسة الخارجية والعامة، لكن مراكز الفكر والرأي متخصصة أيضا في قضايا أخرى



  • المعاهد التي لا تعمل على المستوى الوطني، ولكن على المستوى الإقليمي



  • المهتمة بـ»التفكير والقيام»، والتي تنشط، إلى جانب أنشطتها البحثية التقليدية، على مستوى عملي أكثر، مثل تمويل المشاريع الخيرية. يحمل هذا النوع من مراكز التفكير بعض التشابه مع المنظمات غير الحكومية.






التحديات

التحديات، التي تواجهها الخزائن كثيرة منها:


  • التمويل غير المستقر



  • انتشار مراكز الفكر والمنظمات غير الحكومية الأخرى أدى إلى زيادة المنافسة، وإلى المزيد من إمكانيات التعاون، وتحسين الإنتاجية، والوصول إلى جمهور أكبر



  • أدى تزايد الانترنت إلى مضاعفة إمكانيات الاتصال، وسهل أيضا انتشار المعلومات التي ليست دقيقة دائما



  • ساهم ظهور مراكز بحث متخصصة، في مجالات متخصصة في تيسير تقديم تحليل أكثر تركيزا



  • إن العولمة تعني زيادة الطلب على المشورة المتعلقة بالسياسات ودور جديد لدوائر التفكير التي تضطر إلى دراسة بدائل السياسات من جميع أنحاء العالم ومن ثم تكييفها مع سياقها المحلي.






التمويل ونوع التأثير

بما أن الخزائن تهتم بتوجيه السياسة والتأثير فنوع التمويل ومعرفة نوع التمويل الخاص بكل خزانة هام جدا، وهذا ما دفع صحيفة نيويورك تايمز إلى دراسة وضع خزائن التفكير الأمريكية والتمويل الأجنبي، والذي يؤثر في نوع الأبحاث

في الوقت الذي ترى فيه مراكز الفكر أن العلاقات لا تؤثر على سلامة أبحاثها، فإنها تلعب دورا محوريا في تعزيز أولوياتها السياسية، حيث تنتج العديد من المجموعات منتجات ومنتديات مضيفة أو جلسات إحاطة تتوافق عادة مع مصالح الحكومة الأجنبية.

وكشفت الصحيفة عن آلاف الصفحات من المذكرات الداخلية والمراسلات السرية انتري ليه معهد بروكينجز والجهات المانحة، وتبين أن تأكيدات الدعم المالي اشترى من «فوائد التبرع»، والتي شملت إقامة فعاليات تضم المديرين التنفيذيين للشركات مع المسؤولين الحكوميين. ضمت الجهات المانحة شركة Lennar، واحدة من أكبر شركات بناء المنازل في البلاد. JPMorgan Chase، أكبر بنك في البلاد ؛ والبرنامج العملاق مايكروسوفت.

وبعدما دفعت شركة Lennar نحو 400 ألف دولار كدعم لبروكينجز، عينت بروكينجز كوفي بونر، المسؤول التنفيذي في شركة لينار المسؤولة عن تطوير سان فرانسيسكو، كزميل أقدم بها

تمتلك مراكز الفكر التي تضع نفسها على أنها «جامعات بلا طلاب» السلطة في مناقشات السياسة الحكومية، لأنها تعتبر باحثين مستقلين عن المصالح المالية. لكن في البحث عن الأموال، تدفع مؤسسات الفكر والرأي لجداول أعمال هامة إلى مانحين من الشركات، وفي بعض الأحيان تلطخ الخط الفاصل بين الباحثين وجماعات الضغط. ونتيجة لذلك، فإن صانعي السياسات الذين يعتمدون على مؤسسات الفكر والرأي لا يدركون غالبا دور الحكومات الأجنبية في تمويل الأبحاث.

قال جوزيف ساندلر، وهو محام وخبير في القانون الذي يحكم الأمريكيين في الضغط على الحكومات الأجنبية، إن الترتيبات بين الدول والخزائن «فتحت نافذة جديدة في جانب من جوانب شراء النفوذ في واشنطن لم يسبق كشفه»

وتشمل هذه الترتيبات أكثر مراكز الأبحاث تأثيرا في واشنطن، بما في ذلك معهد بروكينجز، ومركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، والمجلس الأطلسي. كل منهم هو متلقى رئيسي للأموال الأجنبية، وينتج أوراق السياسات، ويستضيف المنتديات، وينظم جلسات إحاطة خاصة لمسؤولين كبار في حكومة الولايات المتحدة تتوافق عادة مع أجندات الحكومات الأجنبية.

من الصعب تحديد نطاق التمويل الأجنبي للمؤسسات الفكرية الأمريكية. لكن منذ عام 2011، ساهمت ما لا يقل عن 64 حكومة أجنبية أو كيانات خاضعة لسيطرة الدولة أو مسؤولين حكوميين في مجموعة من 28 منظمة بحثية رئيسية مقرها الولايات المتحدة، وفقا للمؤسسات والوثائق الحكومية.

- المجلس الأطلسي (لم يتم الكشف عن المبالغ التي تلقاها)

قد شكل المانحون من الحكومات الأجنبية ما بين 5 و 20% من ميزانيته السنوية في السنوات الأخيرة، وفقا لرئيسه

- معهد بروكينجز (41 مليون دولار)



  • تتلقى مؤسسة الأبحاث، التي تتمتع بواحد من أعلى التصنيفات في العالم، نحو 12% من تمويلها السنوي من الحكومات الأجنبية.






- مركز التنمية العالمية (17 مليون دولار)



  • تجري المجموعة بحثا حول «كيف تؤثر سياسات وأفعال الأغنياء والأقوياء على الفقراء في العالم النامي». لكن المال الذي يتم في النرويج يبني سياسات النرويج.






- معهد الشرق الأوسط (لم يتم الكشف عن المبالغ التي تلقاها)



  • يتناول مواضيع ساخنة في جماعة الإخوان المسلمين في مصر. هدفها هو «زيادة المعرفة بالشرق الأوسط بين مواطني الولايات المتحدة.» تمول أموال الهدف هذا العمل لبعض الأمم نفسها، وتكتب عن مثل الإمارات العربية المتحدة والكويت والمملكة العربية السعودية وسلطنة عمان.






- صندوق مارشال الألماني للولايات المتحدة ( لم يتم الكشف عن المبالغ التي تلقاها)



  • تم إنشاء هذا المركز من قبل الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية. لا يزال يتلقى تبرعات كبيرة من الدول الأوروبية.






- مركز ستيمسون (لم يتم الكشف عن المبالغ التي تلقتها)



  • مؤسسة فكرية تركز بشكل كبير على القضايا العسكرية وغيرها من القضايا المتعلقة بالأمن، وقد حصلت على أموال من العديد من حلفاء الولايات المتحدة العسكريين من جميع أنحاء العالم الدول التي تستفيد من الالتزام القوي بالإنفاق العسكري هنا.






التمويل

وتأتي معظم الأموال من أوروبا والشرق الأوسط وأماكن أخرى في آسيا، وخاصة الدول المنتجة للنفط في الإمارات العربية المتحدة والنرويج، وتتخذ أشكالا عديدة. قدمت الإمارات العربية المتحدة، وهي من المؤيدين الرئيسيين لمركز الدراسات الاستراتيجية والدراسات الدولية، أكثر من مليون دولار لمساعدة البيت الأبيض.

شفافية خزائن التفكير وتمويلها

إن الشفافية المالية للخزائن أصبحت القاعدة العامة في جميع أنحاء العالم، على الرغم من وجود العديد من الخزائن التي لا تتسم بالشفافية إلا أنه توجد العديد من الخزائن تتسم بالشفافية

كيف يمكن أن نساعد في نمو الشفافية المالية:



  • معرفة المانحين أو الداعمين ماديا للخزينة.



  • الطلب من الخزائن الكشف عن داعميها ماديا.






محاولات الجهات لتقديم نوع جديد من الشفافية

ظهرت مبادرة تحمل اسم Transparify مدعومة من قبل Open Society Foundations من أجل البحث عن المصادر المالية لخزائن التفكير، وفي آخر تقرير لهم لعام 2018، صنفت:






  • 67 خزينة بدرجة عالية من الشفافية (5 نجوم)، مقارنة بـ 41 مؤسسة






المقاييس:

اتجهت المملكة المتحدة لمبادرة حملت اسم who funds you لتصنيف خزائن التفكير ولدفعها للشفافية المالية، وقد زاروا موقع الخزائن واطلعوا على التقارير السنوية المالية ومنها صنفوا الخزائن كالآتي:






  • خمس نجوم - شفافية للغاية: حيث أدرج جميع المتبرعين، بالكمية، والمصدر، والمشاريع التي تبرعوا لها



  • أربع نجوم - شفافية على نطاق واسع، أدرجت أسماء المتبرعين لما فوق 5 آلاف دولار، ويوجد 15% فقط من المتبرعين مجهولين.



  • ثلاث نجوم - جميع أو معظم المتبرعين مدرجين في 2 أو 3 قائمة المتبرعين



  • نجمتان- بعض أو جميع المتبرعين مدرجون، ولكن لا توجد عنهم أي معلومات



  • نجمة واحدة- بعض المتبرعين مدرج، ولكن دون آلية أو توضيح



  • لا نجوم- لا توجد معلومات حديثة ذات صلة بالمعلومات








ماذا يجب أن أفعل للتأكد من نوعية أخبار الخزينة؟






  1. التوجه للقراءة عن الخزينة، فأنت لن تأخذ تحاليل سياسية من دولة معادية لدولتك



  2. اقرأ عن اتجاهات الخزينة لتعرف نوعية كتابتها



  3. ابحث عن الداعمين أو المتبرعين فإن لم تجدهم فحاول أن تتخطى الخزينة لأخرى



  4. ابحث في خلفيات الكاتبين، فبعضهم يحملون أجندات خفية



  5. اقرأ بحيادية دوما.