بأي ذنب ضربت الحصان يا قاسي القلب؟

السؤال الذي اخترته عنوانا لهذا المقال، ألقيه في وجه ذلك الشاب الذي تجّرد من كل معاني الرحمة والشفقة والعطف والرفق بالحيوان، وهو يضرب حصانا مقيدا إلى عمود، حتى خرّ ساقطا على الأرض، وهو يتأوه ألما، ويصدر «صهيلا» أشبه ما يكون بكاء وشكوى، مفاده «بأي ذنب تضربني؟» مما جعلني «بصهيله الباكي الشاكي» أستعيدُ قول عنترة بن شداد: فازورّ من وقع القنا بلبانه

السؤال الذي اخترته عنوانا لهذا المقال، ألقيه في وجه ذلك الشاب الذي تجّرد من كل معاني الرحمة والشفقة والعطف والرفق بالحيوان، وهو يضرب حصانا مقيدا إلى عمود، حتى خرّ ساقطا على الأرض، وهو يتأوه ألما، ويصدر «صهيلا» أشبه ما يكون بكاء وشكوى، مفاده «بأي ذنب تضربني؟» مما جعلني «بصهيله الباكي الشاكي» أستعيدُ قول عنترة بن شداد: فازورّ من وقع القنا بلبانه

الجمعة - 21 فبراير 2014

Fri - 21 Feb 2014



السؤال الذي اخترته عنوانا لهذا المقال، ألقيه في وجه ذلك الشاب الذي تجّرد من كل معاني الرحمة والشفقة والعطف والرفق بالحيوان، وهو يضرب حصانا مقيدا إلى عمود، حتى خرّ ساقطا على الأرض، وهو يتأوه ألما، ويصدر «صهيلا» أشبه ما يكون بكاء وشكوى، مفاده «بأي ذنب تضربني؟» مما جعلني «بصهيله الباكي الشاكي» أستعيدُ قول عنترة بن شداد: فازورّ من وقع القنا بلبانه.. و شكا إليّ بعبرة وتحمحملو كان يدري ما المحاورة اشتكىولكان لو علم الكلام مكلميورب البيت، لقد شكا الحصان وحمحم، فهل من سامع لشكواه ليأخذ حقه؟ وهل من منصف له من غادره الذي أخذ يقهقه مع صديقه وهو يأمره بأن يشتد ضرب الحصان «رخّه»؟ آمل في أن يجد من ينصفه، ولنا في محمد بن عبدالله صلوات ربي وسلامه عليه أسوة حسنة، وهو قدوتنا ومعلمنا، حين أنصف ذلك الجمل من صاحبه يوم أن دخل -صلى الله عليه وسلم- بستانًا لرجلٍ من الأنصار، فإذا فيه جمل، فلما رأى النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- حنَّ وذرفت عيناه، فأتاه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فمسح دموعه، ثم قال: «مَن صاحِب هذا الجمل؟ فقال صاحبه: أنا يا رسول الله، فقال له - عليه الصَّلاة والسلام -: (أفلا تَتَّقي الله في هذه البهيمة التي مَلَّكَكَ الله إياها، فإنَّه شكا إليَّ أنك تجيعه وتُدْئِبُه) إن ما حصل لذلك الحصان الذي تم تداول مقطعه، أوجع قلوبنا، ونحن أبناء دين حثنا على الرفق بالحيوان، لأنه يحس ويتألم ويشعر بما يشعر به البشر، قال تعالى «وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ» ومن منّا لم يتعلم أثناء دراستنا في الابتدائية، تلك القصة التي تحض على الشفقة والرفق بالحيوان، حين كان مدرسونا -جزاهم الله خير الجزاء-، يقصون علينا ما ورد في السنة «بينما رجل يمشي بطريق إذ اشتد عليه العطش، فوجد بئرًا فنزل فيها، فشرب، ثم خرج، فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش، فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب منَ العطش مثل الذي كان بلغ مني، فنزل البئرَ فملأ خفه ماءً، ثم أمسكه بفِيه حتى رقى فسقى الكلب، فشكر الله تعالى له، فغَفَرَ له، قالوا: يا رسول الله: وإنَّ لنا في البهائم لأجرًا؟ فقال: (في كل ذات كبدٍ رطبة أجر)أو كما قال.

وكما أن رجلا غفر الله له ودخل الجنة لأنه سقى كلبا ماء ورفق به وأشفق عليه، فإن القسوة على الحيوان تُدخِل النار، وكما ورد في الأثر (دخلتِ امرأةٌ النارَ في هرَّة، ربطتها فلم تطعمها، ولم تدعها تأكل مِن خشاش الأرض) وقصة (الحمرة) وهي طير يشبه العصفور، يقول عبدالله بن مسعود رضي الله عنه «حمّرة معها فرخان لها، فأخذناهما فجاءت الحمرة تعرِّش -ترفرف بجناحيها- فلما جاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: مَن فجع هذه بولدها؟ ردوا ولدها إليها» ورب البيت لقد كنت أتجرّع مشاهدة المشهد، ولمرة واحدة، وقلت كفى، ليأخذني بعد مشاهدته «السهاد» مع ليل طويل، سلب النوم من عيني، وربما أن كثيرا كانوا مثلي، فأي إنسانية تسكن قلبي هذين الشخصين،كما قال الشيخ العجوز؟ لذا إذا لم يؤخذ حق ذلك «الحيوان البريء» من ضاربه ونحن شهود على ذلك وقد رأينا ما جرى، فاسمحوا لي أن أقول : لله كم سنكون عند ذلك قساة غلاظا.