الحمل خارج الرحم
الجمعة - 12 فبراير 2016
Fri - 12 Feb 2016
ليس هذا موضوعا طبيا يوضح ظاهرة الحمل خارج الرحم بقدر ما هو رحلة استكشافية بدائية من (تخاريفي) داخل أفكارنا وأطروحاتنا في التعاطي مع مستجدات حياتنا المعيشية والاجتماعية والثقافية والتعليمية، فلست أرى في الآفاق التشبيهية وسيلة إيضاح لما أقصده سوى حمل خارج الرحم..
فاستبشار القلب الإنساني بظاهرة الحمل نبراس للسعادة العفوية لدى كثير من الناس، خاصة أولئك الذين ينتظرون أول إنتاج في علاقاتهم الزوجية لذلك تجد الاهتمام بإجراء الفحوصات الطبية الضرورية والروتينية موضة للحوامل وأزواجهن احتفالا بأول أيام ذلك الكائن في مقره الحنون (رحم أمه)، لكن المزعج والمقلق أن تظهر بعض الحالات التي يتكون فيها الجنين خارج موطنه الأصلي لتبدأ رحلة المعاناة وبداية المشكلات له ولأبويه، وللدراسات العلمية والمتابعة العلاجية التي تحاول أن توازن بين الأولويات حسب رأيها وقرارها، لكي تصل لأقل الخسائر..
ومن هذا يتبين لي أن مجتمعنا باعتبار أنه الأم الولود الودود التي تمدنا بالإنتاج المستمر والمتواصل بعينات لا تتوقف عند حد من الجديد والمتطور في الأفكار والمفكرين والمبادرات والمبادرين في جو أصبح متخما برؤى وأطروحات تزاحمت حولنا ولم تدع لنا مساحة لرعاية صغار أفكارنا ولا طفولة قضايانا نتيجة فقداننا المساحة الكافية لتمدد طبيعي في التطبيق والمتابعة والتقويم..
ففي كل يوم تتفاقم مشكلات فتأتي الحلول سريعة وعشوائية ومتكاثرة وكأنها تعرضت لحقن هرموني مكثف رغبة في توائم يتباهى بها مجتمعنا المتحضر أمام شعوب العالم التي تقضي مئات السنين في دراسة فكرة واحدة، ثم يحين وقت التطبيق الذي لن يحدث في وقته المحدد فقد تعودنا على أن نحدد ولا نلتزم فما زال في العمر متسع وفي العجلة الندامة وفي التأني المميت السلامة، ولا يمضي زمن يسير حتى تظهر علامات حمل آخر لفكرة أخرى لا تلبث أن تولد ولادة أيسر من الطبيعية تزيح أختها وتأخذ مكانها في الصدارة لتطبيق آخر دون تنظيف المكان من بقايا وفضلات الفكرة السابقة فالجميع أخوات والأم المسكينة واحدة..
وتستمر هذه الأوضاع يوميا أو أسبوعيا ودوريا دون موانع حمل أو تفريق بين الجنسين أو حتى تنظيم للطرح أو التقديم فيكفي أن تكون في كرسي المسؤولية الحقيقية أو الصورية لتكون أفكارك عرائس يحتفل بميلادها في أفخم الصالات ويشاد بها في أعرق الصحف وأقوى الفضائيات، فما تقوله جوهر وما تتفوه به تأصيل وما تسرده خوارق عادات لا يملكها سواك، فيصدق بذلك حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم: إن المنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى..
وحيث إن الوحيد في الميدان فرح بتفوقه على المجهول وأمضى مدة طويلة دون منافسة وجب التغير والتجديد لنقطع الروتين ونكسر الملل لتأتي أطروحات (صارخة) وأفكار (مستصرخة) تمثل حملا خارج رحم المجتمع فهي تسللت عبر خلل تركيبي في أوعية التفكير وأقنية الاستقبال وأغلفة التحضير ولم نتنبه لها كعادتنا في (التطنيش) حتى استحكمت من جدار الأرحام، ونفخت بطون المتشدقين بما لا يعرفون، وأتى هذا الداء ليقطع الطريق أمام أي علاج كنا نسعى إليه لنرافق العالم في عنفوانه..
أن تفكر خارج الدائرة فهذا (عين العقل) وأن ترى بأعين ثلاث فهذا (قلب الحكمة) لكن أن تحمل أفكار غيرك في يدك بدل عقلك وتعرضها للإلقاء دون متابعة لعواقب الطرح ولا إمكانية التطبيق أو لائقية الوجود فهذا (حمل خارج الرحم)، إن ترك فالمجتمع في ضياع وإن استؤصل فالألم لا يطاق، وإن روقب فهو ظاهرة مقززة..
هل ضاقت الأرحام بالمواليد فاضطر هؤلاء للتزاحم خارج الرحم انتظارا (للدور) كفقراء أمتنا الذين يتزاحمون أمام (أفران) الخبز؟ أم إن ظلمة عقولنا وصغر أحجام آفاقنا جعلت التواجد خارج الموقع سائغة في التفكير؟ أم إن ما نشتكي منه من عقم في الحلول الناجعة والناجحة أوصلنا لتعاطي الكثير من مهيجات الطفرة التفكيرية فانقلب السحر على الساحر وتواجد حماسنا في الوقت الضائع؟..
لو كنت مسؤولا عن (الطفح الجلدي) للأفكار لأصدرت أحكاما عرفية لكل من يشاهد مثل هذه الظاهرة بمنع صاحبها من الماء والهواء والخروج والكلام والابتسام حتى تقضي أفكاره حتفها بعيدا عن انتشار هذا الوباء في مجتمعاتنا ونكون (كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا)..
أو أن نتعامل مع بداية تلك الأفكار الغريبة والأشياء المسخية مثل تعاملنا مع أمراض نخشى تزايدها بشكل لا يمكن السيطرة عليه، ونجري فحوصات مخبرية دورية على عقول ناشئتنا ونتعامل مع كل تغير بمصداقية كبيرة فيها قلق وخوف على المستقبل لنتخطى هذه المرحلة دون أن نفقد جيلا بأكمله..
وطالما لدينا جاهزية جينية وطبيعية للتفكير والإنتاج والعمل العقلي للطوارئ والمخاطر والمستجدات، أليس من الواجب أن نسعى لاستغلال تربتنا الخصبة ونفسياتنا الولودة للتلاقح مع طبائعنا وما يليق بنا وما يصلح لأفرادنا وأسرنا من تنظيمات وتقنينات تسير بنا نحو درجات الرقي المناسبة دون معاناة أو أمراض اختراعية مستهجنة..
[email protected]
فاستبشار القلب الإنساني بظاهرة الحمل نبراس للسعادة العفوية لدى كثير من الناس، خاصة أولئك الذين ينتظرون أول إنتاج في علاقاتهم الزوجية لذلك تجد الاهتمام بإجراء الفحوصات الطبية الضرورية والروتينية موضة للحوامل وأزواجهن احتفالا بأول أيام ذلك الكائن في مقره الحنون (رحم أمه)، لكن المزعج والمقلق أن تظهر بعض الحالات التي يتكون فيها الجنين خارج موطنه الأصلي لتبدأ رحلة المعاناة وبداية المشكلات له ولأبويه، وللدراسات العلمية والمتابعة العلاجية التي تحاول أن توازن بين الأولويات حسب رأيها وقرارها، لكي تصل لأقل الخسائر..
ومن هذا يتبين لي أن مجتمعنا باعتبار أنه الأم الولود الودود التي تمدنا بالإنتاج المستمر والمتواصل بعينات لا تتوقف عند حد من الجديد والمتطور في الأفكار والمفكرين والمبادرات والمبادرين في جو أصبح متخما برؤى وأطروحات تزاحمت حولنا ولم تدع لنا مساحة لرعاية صغار أفكارنا ولا طفولة قضايانا نتيجة فقداننا المساحة الكافية لتمدد طبيعي في التطبيق والمتابعة والتقويم..
ففي كل يوم تتفاقم مشكلات فتأتي الحلول سريعة وعشوائية ومتكاثرة وكأنها تعرضت لحقن هرموني مكثف رغبة في توائم يتباهى بها مجتمعنا المتحضر أمام شعوب العالم التي تقضي مئات السنين في دراسة فكرة واحدة، ثم يحين وقت التطبيق الذي لن يحدث في وقته المحدد فقد تعودنا على أن نحدد ولا نلتزم فما زال في العمر متسع وفي العجلة الندامة وفي التأني المميت السلامة، ولا يمضي زمن يسير حتى تظهر علامات حمل آخر لفكرة أخرى لا تلبث أن تولد ولادة أيسر من الطبيعية تزيح أختها وتأخذ مكانها في الصدارة لتطبيق آخر دون تنظيف المكان من بقايا وفضلات الفكرة السابقة فالجميع أخوات والأم المسكينة واحدة..
وتستمر هذه الأوضاع يوميا أو أسبوعيا ودوريا دون موانع حمل أو تفريق بين الجنسين أو حتى تنظيم للطرح أو التقديم فيكفي أن تكون في كرسي المسؤولية الحقيقية أو الصورية لتكون أفكارك عرائس يحتفل بميلادها في أفخم الصالات ويشاد بها في أعرق الصحف وأقوى الفضائيات، فما تقوله جوهر وما تتفوه به تأصيل وما تسرده خوارق عادات لا يملكها سواك، فيصدق بذلك حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم: إن المنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى..
وحيث إن الوحيد في الميدان فرح بتفوقه على المجهول وأمضى مدة طويلة دون منافسة وجب التغير والتجديد لنقطع الروتين ونكسر الملل لتأتي أطروحات (صارخة) وأفكار (مستصرخة) تمثل حملا خارج رحم المجتمع فهي تسللت عبر خلل تركيبي في أوعية التفكير وأقنية الاستقبال وأغلفة التحضير ولم نتنبه لها كعادتنا في (التطنيش) حتى استحكمت من جدار الأرحام، ونفخت بطون المتشدقين بما لا يعرفون، وأتى هذا الداء ليقطع الطريق أمام أي علاج كنا نسعى إليه لنرافق العالم في عنفوانه..
أن تفكر خارج الدائرة فهذا (عين العقل) وأن ترى بأعين ثلاث فهذا (قلب الحكمة) لكن أن تحمل أفكار غيرك في يدك بدل عقلك وتعرضها للإلقاء دون متابعة لعواقب الطرح ولا إمكانية التطبيق أو لائقية الوجود فهذا (حمل خارج الرحم)، إن ترك فالمجتمع في ضياع وإن استؤصل فالألم لا يطاق، وإن روقب فهو ظاهرة مقززة..
هل ضاقت الأرحام بالمواليد فاضطر هؤلاء للتزاحم خارج الرحم انتظارا (للدور) كفقراء أمتنا الذين يتزاحمون أمام (أفران) الخبز؟ أم إن ظلمة عقولنا وصغر أحجام آفاقنا جعلت التواجد خارج الموقع سائغة في التفكير؟ أم إن ما نشتكي منه من عقم في الحلول الناجعة والناجحة أوصلنا لتعاطي الكثير من مهيجات الطفرة التفكيرية فانقلب السحر على الساحر وتواجد حماسنا في الوقت الضائع؟..
لو كنت مسؤولا عن (الطفح الجلدي) للأفكار لأصدرت أحكاما عرفية لكل من يشاهد مثل هذه الظاهرة بمنع صاحبها من الماء والهواء والخروج والكلام والابتسام حتى تقضي أفكاره حتفها بعيدا عن انتشار هذا الوباء في مجتمعاتنا ونكون (كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا)..
أو أن نتعامل مع بداية تلك الأفكار الغريبة والأشياء المسخية مثل تعاملنا مع أمراض نخشى تزايدها بشكل لا يمكن السيطرة عليه، ونجري فحوصات مخبرية دورية على عقول ناشئتنا ونتعامل مع كل تغير بمصداقية كبيرة فيها قلق وخوف على المستقبل لنتخطى هذه المرحلة دون أن نفقد جيلا بأكمله..
وطالما لدينا جاهزية جينية وطبيعية للتفكير والإنتاج والعمل العقلي للطوارئ والمخاطر والمستجدات، أليس من الواجب أن نسعى لاستغلال تربتنا الخصبة ونفسياتنا الولودة للتلاقح مع طبائعنا وما يليق بنا وما يصلح لأفرادنا وأسرنا من تنظيمات وتقنينات تسير بنا نحو درجات الرقي المناسبة دون معاناة أو أمراض اختراعية مستهجنة..
[email protected]