قرار الانضباط .. غياب المعلم هو الأكثر ضررا على العملية التعليمية
لقد استبشر الوطن كله بتعيين الأمير خالد الفيصل وزيراً للتربية والتعليم، فهو ذو خبرات تراكمية ثرية في الشؤون التربوية منذ أن كان رئيساً لرعاية الشباب، بل لقد عمل خلال إمارته لمنطقة مكة المكرمة على استقطاب الشباب لمجلسه والاستماع إليهم والتعرف على طموحاتهم وتشجيع إبداعاتهم
لقد استبشر الوطن كله بتعيين الأمير خالد الفيصل وزيراً للتربية والتعليم، فهو ذو خبرات تراكمية ثرية في الشؤون التربوية منذ أن كان رئيساً لرعاية الشباب، بل لقد عمل خلال إمارته لمنطقة مكة المكرمة على استقطاب الشباب لمجلسه والاستماع إليهم والتعرف على طموحاتهم وتشجيع إبداعاتهم
الخميس - 20 فبراير 2014
Thu - 20 Feb 2014
لقد استبشر الوطن كله بتعيين الأمير خالد الفيصل وزيراً للتربية والتعليم، فهو ذو خبرات تراكمية ثرية في الشؤون التربوية منذ أن كان رئيساً لرعاية الشباب، بل لقد عمل خلال إمارته لمنطقة مكة المكرمة على استقطاب الشباب لمجلسه والاستماع إليهم والتعرف على طموحاتهم وتشجيع إبداعاتهم.
ولن تنسى المنطقة ما قاله في مؤتمر الطائف عام 1433: ماذا نريد من الشباب؟ وماذا يريد الشباب منا؟ والذي لعب فيه بحق دور التربوي الناجح في احتواء الشباب والتعرف على مطالبهم وأمنياتهم وكيفية توجيه طاقاتهم لخدمة الوطن، فكسب بذلك صداقتهم وثقتهم وحبهم للوطن.
وها هو الآن وزيراً للتربية والتعليم يبدأ بأولويات جديرة بالتطبيق وهي إعلاء قيمة الانضباط والتمسك به عملاً وأداءً، في إشارة واضحة للحد من غياب عناصر المدرسة الأساسية وهم المدير والمعلم والطالب، والالتزام بمواعيد الدوام خلال الأسابيع التي تسبق الاختبارات والتي تلي الإجازات الرسمية.
والجميل في التوجيه أنه حدد عقوبات متدرجة رادعة للمدير والمعلم تصل إلى الفصل والإبعاد عن مزاولة المهنة والحرمان من الترشيح للمواقع القيادية.
والحقيقة التي لا غبار عليها هي أن غياب المعلم أو المعلمة هو الأكثر ضرراً على العملية التعليمية والتربوية، حيث إن الغياب هنا يشكل عقبة في تحقيق الأهداف والغايات، بل يساهم في خفض الإنتاجية وتدني مستوى الطلاب والطالبات. وللأسف فإنه قبل ذلك يؤثر سلباً على الجدول المدرسي، ويسبب عدم انتظام الحصص، وفوضى واضطرابا في الفصول لعدم رغبة المعلمين والمعلمات الأخريات بدخول حصص الانتظار.
ومشكلة الغياب من أخطر المشكلات التي تدل على غياب قيمة الأمانة لدى بعض المعلمين والمعلمات، كثيري الغياب، فترى أحدهم يستنفد جميع الإجازات الاضطرارية، ثم يبدأ في أخذ التقارير المرضية من مستوصفات ومستشفيات خاصة وعميلة، بل يأخذ إجازات بدون عذر، قد تصل إلى أكثر من 60 يوماً في العام، بل إن بعض المعلمات يقمن بإجراء عمليات التجميل أو تصحيح مسار أو شفط الدهون وغيرها أثناء الفصل الدراسي، وتأخذ إحداهن طبعاً إجازات مرضية، وهي التي كان من الممكن تأجيلها إلى الإجازات بدلاً من تعطيل الدراسة! ولكن ذلك يدل على عدم تحمل المسؤولية، وعدم الارتباط بالمهنة التي هي من أشرف المهن وأعظمها.
كما أن من مظاهر عدم الانضباط التأخر في الدوام صباحاً، أو خروج المعلمين أثناء الدوام لقضاء حوائجهم الخاصة، وكذلك إضاعة الوقت بالأحاديث الجانبية مع الزملاء في العمل، والدخول في سجالات متنوعة، بل والدخول على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة من خلال الأجهزة الذكية، والرد على الرسائل وتبادل النكات والأحاديث، وكل ذلك يعكس عدم الأمانة التي أشفقت منها السماوات والأرض والجبال، وأبين أن يحملنها وحملها الإنسان! فالأمانة ليست فقط رد مال لأهله، بل هي إعطاء الحقوق كافة لأصحابها.. ووقت المدرس هو حق للطالب، وإهداره يعني تضييع الأمانة الذي ينعكس سلباً على حياة المعلم نفسه في عدم حصول البركة له في صحته وماله وعياله.
أما غياب الطالب، وخاصة في الأسابيع الأخيرة من الفصل الدراسي، وكذلك الأسبوع الأول بعد العودة من الإجازة، فهذا تتحمله الأسرة، فمع ما تحشده الإدارات التربوية والإشرافية من كوادر بشرية لمتابعة البداية الجادة، إلا أن الغياب بالعشرات في الفصول! فالأسرة وأبناؤها ما زالوا في إجازاتهم في الخارج، ثم يحضر الطالب ورقة عذر ملفقة من الوالد.. ولا ضير في ذلك! والحقيقة أن لذلك تأثيرا تربويا خطيرا، إذ يتعلم الطالب من هذه الممارسات عدم احترام المواعيد وعدم الانضباط السلوكي، وكذلك عدم احترام القوانين والأنظمة والتعليمات، بل اللجوء للكذب في التعامل مع الآخرين.
وأعتقد أنه لو تم فعلاً تطبيق العقوبات الرادعة على المعلم والطالب، وكذلك الخصم من درجات الأداء الوظيفي للمعلم، والخصم من درجات الطالب في المواظبة دون مجاملة أو محسوبية، لحققنا بذلك قدراً كبيراً من الانضباط المدرسي الذي حتماً يقود إلى الانضباط السلوكي الاجتماعي العام.. وهذا ما أراده وزير التربية والتعليم الأمير خالد الفيصل- حفظه الله - من قراره لتوجيه بوصلة التعليم نحو بناء الإنسان الذي سيكون أساساً لبناء حضارة وتقدم هذا الكيان الكبير.