المعلمون "يرقصون" في صبيا.. لا تعاقبوا الفرح!

النشر لمقطع الفيديو الذي يصور معلمين، في إحدى مدارس محافظة صبيا بجازان، يرقصون على وقع إنشاد أحد زملائهم لأغاني الفنان محمد عبده، يريد الدلالة على اقترافهم «مخالفة» سياقية، سواء من جهة القصد إلى امتداحهم لأنه تَشَارُكٌ في تأدية فعل ترفيهي عن الطلاب ومقصد إلى إحداث بهجة خارج العلاقة الثابتة بالمعلمين في الفصول، لا سيما وهو حدث لم يجاوز ما يسمَّى «اليوم المفتوح» حيث شعور الطلاب بما يخرجهم عن أيام الدراسة المعتادة

النشر لمقطع الفيديو الذي يصور معلمين، في إحدى مدارس محافظة صبيا بجازان، يرقصون على وقع إنشاد أحد زملائهم لأغاني الفنان محمد عبده، يريد الدلالة على اقترافهم «مخالفة» سياقية، سواء من جهة القصد إلى امتداحهم لأنه تَشَارُكٌ في تأدية فعل ترفيهي عن الطلاب ومقصد إلى إحداث بهجة خارج العلاقة الثابتة بالمعلمين في الفصول، لا سيما وهو حدث لم يجاوز ما يسمَّى «اليوم المفتوح» حيث شعور الطلاب بما يخرجهم عن أيام الدراسة المعتادة

الخميس - 20 فبراير 2014

Thu - 20 Feb 2014



النشر لمقطع الفيديو الذي يصور معلمين، في إحدى مدارس محافظة صبيا بجازان، يرقصون على وقع إنشاد أحد زملائهم لأغاني الفنان محمد عبده، يريد الدلالة على اقترافهم «مخالفة» سياقية، سواء من جهة القصد إلى امتداحهم لأنه تَشَارُكٌ في تأدية فعل ترفيهي عن الطلاب ومقصد إلى إحداث بهجة خارج العلاقة الثابتة بالمعلمين في الفصول، لا سيما وهو حدث لم يجاوز ما يسمَّى «اليوم المفتوح» حيث شعور الطلاب بما يخرجهم عن أيام الدراسة المعتادة

أم من جهة تجريمهم وفضح ما اقترفوه، لأنهم فعلوا ما لا يليق بهم، وفي مكان لا يليق بما فعلوه. ولو كان الحدث بلا دلالة على خَرْق السياق من هذه الوجهة أو من تلك لما كان لنشره على الشبكة معنى. أما وجهة التقريظ له فإنها تؤكد على معنى التفاعل بين المعلم وطلابه، وترى في نزول الأستاذ من علياء جبروته وتزمته سبباً لازدياد فاعليته التربوية والتعليمية، تلك الفاعلية التي يغدو سرور الطلاب وبهجتهم وإزاحة الرتابة عنهم مداها الأكثر إخصاباً. وأما وجهة التجريم له فإنها لا تكاد تخرج عن منطق تصنيمي للمعلم أو تجريمي للغناء فضلاً عما ينشأ عنه من اهتزاز حركة الجسم وتفاعلها مع إيقاعاته، وهو منطق –فيما ألفنا- أكثر صرامة وشدة في حق المعلمين والطلاب، تماماً كما هي صرامته مع الترفيه عنهم بأي معنى آخر حتى الرياضة في حالات متطرفة. لكن اللافت هنا أن مقطع الفيديو يحمل خرقا للسياق من الجهتين، فالذين يرون في رقص المعلمين وغنائهم عملاً إيجابياً، لم يغد مقطع الفيديو من وجهتهم حدثاً، إلا لأنهم يرون سياقاً متصلاً من الرتابة والتزمُّت وانتفاء أسباب البهجة، أو يفترضونه. والذين يرون أن المعلمين اقترفوا جرماً، لا معنى لمقطع الفيديو لديهم، إلا لأنهم يريدون سياقاً متصلاً من الجدية والوقار، أو يفترضونه. ولذلك كان مقطع الفيديو وسيلة للتشنيع من الطرفين؛ كل منهما على الآخر: إنه الدليل على التسيب والعبث والضياع في تعليمنا من جهة، ولكنه الدليل –من الجهة الأخرى- على غرق تعليمنا في الرتابة والمواعظ والأدلجة والهموم الأكبر من ذهنية الطلاب. الوصف اللفظي للحدث أساس في صياغة دلالته؛ فأن يكون «رقصاً» غير أن يكون «عرضة» أو «خبيتي» أو «عزاوي» أو «معشي» أو «زيفة» أو غيرها من الألوان الشعبية المعروفة. وأن يكون «غناءً» غير أن يكون «إنشاداً». وهذا يعني أن الحدث متقاذف بين الطرفين بقصد بلورة دلالة له خارج ما يريده له كل منهما. وليس في وسعنا أن نفهم تحقيق الوزارة بشأنه ووصفها له بـ»المخالفة» إلا من زاوية الحدث التي أريد بنشره أن يعنيها. لذلك فإن المسألة –فيما أرى- أبسط من أن تصنع منها الوزارة خطيئة، ولئن تمت معاقبة المعلمين والمدرسة فإنها معاقبة لإرادة الفرح والبهجة في مدارسنا، وهي ما لا يجدر بالوزارة.