مكياج العقل

يحزنني جدا منظر الإعلامية عندما تسرف في وضع مساحيق التجميل وتتفنن في إبراز مفاتنها ومظهرها الخارجي لتبدو بأجمل حلة على الشاشة، لم يخبرها أحد وهي تضع مكياجها وأحمر الشفاه الخاص بها أنها نسيت شيئا في غاية الأهمية، نسيت «مكياج عقلها»!

يحزنني جدا منظر الإعلامية عندما تسرف في وضع مساحيق التجميل وتتفنن في إبراز مفاتنها ومظهرها الخارجي لتبدو بأجمل حلة على الشاشة، لم يخبرها أحد وهي تضع مكياجها وأحمر الشفاه الخاص بها أنها نسيت شيئا في غاية الأهمية، نسيت «مكياج عقلها»!

الاثنين - 11 يناير 2016

Mon - 11 Jan 2016



يحزنني جدا منظر الإعلامية عندما تسرف في وضع مساحيق التجميل وتتفنن في إبراز مفاتنها ومظهرها الخارجي لتبدو بأجمل حلة على الشاشة، لم يخبرها أحد وهي تضع مكياجها وأحمر الشفاه الخاص بها أنها نسيت شيئا في غاية الأهمية، نسيت «مكياج عقلها»!

لماذا ارتبط الإعلام الحديث والظهور في القنوات المشهورة بالشكل الخارجي فقط؟! لماذا كثرت رؤيتنا للقشور وحجب عنا الجوهر والقيمة والمعنى؟!

ولماذا تم إقناع بعض الإعلاميات بأن جمالها هو تذكرة عبورها لعالم الشهرة وتم استخدامها كسلعة جمالية تزين بها واجهات الشاشات العربية!

وقبل أن أخوض في باقي التفاصيل علي أن أوضح أن زاوية فضفضتي هنا ليست انتقادا دينيا إنما تشوه مهني دخيل طغى على الساحة الإعلامية وجعل بوسع أي جميلة أن تكون إعلامية دون النظر أو الالتفات لثقافتها علمها اطلاعها قدرتها على أن تكون محاورة، وأن تستخرج من الضيف أفضل ما لديه من مخزون يغذي الحلقة ويجعل الحوار ممتعا ومفيدا لمن يتابعه!

وهنا قد يتساءل البعض وهل بوسع غير الجميلة أن تكون إعلامية، وسأترك الجواب لحضراتكم لتشاهدوه بأم أعينكم عندما تعيدوا النظر من هذا المنطلق وتأخذوا جولة في القنوات الفضائية العالمية أعني المحترفة وذائعة الصيت منها مثلBBC، CNN، DW، وغيرها لتتجلى الرؤية المهنية أن الإعلام وظيفة تحتاج لمواصفات خاصة ومعايير محددها من أهمها اللباقة حسن البديهة الحضور الجيد على الشاشة والقدرة على تفادي المواقف الطارئة والمحرجة والثقافة العامة والتحضير والإعداد المسبق للمادة التي يستلزم عليها تقديمها.

وبالطبع هذا لا يلغي دور فريق الإعداد الذي لا بد أن يكون العمود الفقري في المحافظة على هوية البرنامج عبر اختيار الموضوع والضيوف المناسبين له والبحث عن العنصر البصري المكمل للكلمة بالإضافة لتصوير التقارير واستطلاعات الرأي التي تخدم الموضوع وتعكس آراء ووجهات نظر الناس والمجتمع فيه، إنما هو جهد تكاملي لفريق عمل يتكون من المذيع أو المذيعة بمساعدة فريق الإعداد ليكونوا خلية نحل تعمل لصالح إبراز المحتوى بأفضل صورة.

هناك نماذج لإعلاميات جمعن بين الأناقة واللباقة والجمال ودخلن التاريخ بأعمالهن المتقنة وحضورهن الذي أجبر كل من شاهدهن يوما ما أن يحجز لهن حيزا في ذاكرته عاش طويلا لأنه أضاف عنصرا سحريا على المشاهد وهو الدهشة التي أحدثها الاحتراف عندما امتزج بالحضور الجميل.

لا تقبلي عزيزتي الإعلامية أن تكوني جزءا من الديكور في الاستديو ولا تحفة جمالية تسهم في رفع نسب المشاهدة للقناة، وعنصرا جيدا لزيادة معدل الإعلانات على البرنامج!

كوني الرقم الصعب والإضافة النوعية والشخصية الجميلة القوية التي بوسعها أن تغير فكرا وتضيف قيمة وتوصل رسالة وتكون جزءا من السلطة الرابعة التي بوسعها أن تغسل أدمغة الناس بالحق.

اجمعي بين الجمال المعنوي والفطري، اهتمي بمكياج عقلك بقدر اهتمامك بمكياج وجهك، وخالفي القول السائد بأن تكوني جميلة وتصمتي، بل كوني جميلة واملئي الدنيا حوارات ولقاءات وكلمات ترشد الضال وتهدي التائه تظهر الحق، تثقف وتوعي وتضع علامات إرشادية مضيئة في ليل حالك الظلمة.

تمسكي بهويتك ومهنتيك واسمحي لي أن أقول: حجابك إذا كنتي محجبة وحشمتك إن لم تكوني محجبة، واعذريني وإن كنت سأضمن لك عدم الظهور على القنوات المهمة لكني حتما سأضمن لك سيرة مهنية لامعة في الكيانات التي تتاح لك فرصة العمل معها وتكسبك، وأنك إن آمنت بقدراتك أكثر واعتنيت بموهبتك ستتهافت عليك يوما ما العروض من أبرز المحطات.

لأنك باختصار جوهر ومظهر وثقل إعلامي لا يتكرر.