ليس أمامنا إلا: اصبر واحتسب!

 أول ثورة الكترونية شهدناها كانت كمبيوتر صخر والأتاري، ولحظتها كان من لديه أتاري كمن لديه صاروخ تشالنجر، ومن يملك كمبيوتر صخر

 أول ثورة الكترونية شهدناها كانت كمبيوتر صخر والأتاري، ولحظتها كان من لديه أتاري كمن لديه صاروخ تشالنجر، ومن يملك كمبيوتر صخر

الاثنين - 30 نوفمبر 2015

Mon - 30 Nov 2015



 أول ثورة الكترونية شهدناها كانت كمبيوتر صخر والأتاري، ولحظتها كان من لديه أتاري كمن لديه صاروخ تشالنجر، ومن يملك كمبيوتر صخر كمن شارك في رحلة ديسكفري الشهيرة، ويقول لمن ليس لديه هذه المنجزات التقنية العظيمة: (ما عندك أتاري، ما عندكم صخر، تششش!!) بعدها جاء الانترنت، وتحديدا بدأ في الرياض العاصمة، وكانت تكلفته ككلفة مكالمة محلية (باهظة جدا) يوم كان الهاتف الثابت يُتنازل عنه لمالك آخر بـ 20 ألف ريال، (سعر سيارة كورولا!!) وكان الاتصال على شركة محلية في الرياض، وهي بدورها تحولك على الشبكة العالمية من خلال دولة البحرين، وكانت المواقع التي نتصفحها محدودة، وهي: موقع CNN، BBC، وكلاهما بالإنجليزي بطريقة أخرى كنا نعرف الأحداث بالصور، فنعرف أن حدثا ما صار في إحدى دول العالم، ثم نهرع لراديو BBC العربي ليترجم لنا تلك الصور، بعدها تيسر الانترنت، وصار عندنا (MSN مسنجر)، وكان قمة التكنولوجيا، حتى إن المقابلات الشخصية تتم من خلاله (الآن عار أن يكون في كمبيوترك مسنجر، حاول أن تحذفه بسرعة).

وأخيرا جاءت (ثورة) الفيس بوك، ثم الـ (ثور) تويتر الذي استولى الآن على عقولنا، وبعدها توالت علينا الموضات الالكترونية ككسف من السماء أو عذاب عظيم، لم نعرف لها أولا ولا آخر، والسؤال الآن:ألا يبدو الأمر مملا؟ فما إن نتعرف على خصائص برنامج ما ونتقنه، إلا ونجد برنامجا آخر جاء بخصائص أخرى، ويزداد الناس تعاسة وتزداد البرامج، حتى أطفالك؛ تريد أن تعمل «كنترول» عليهم وتصدّق مقولة (راقب أبناءك) وماذا يفعلون، فتكتشف أنه في كل يوم هناك برنامج تواصل جديد، يعرفونه ولا تعرفه، وله خصائص مجنونة وجديدة، تحتاج سنة أو سنتين حتى تفهمه!ولا يبقى أمام تربية الأبناء إلا دعاء عجائز «نيسابور» في آخر الليل «بأن يحفظهم الله من شياطين الجن والأنس» وإلا إذا على المتابعة، فـ»سيُغلب حمارك» وأنت «عاض ثوبك»، تركض وراء هذا البرنامج وذاك، تخاف على الولد والبنت، والخوف منك وعليك أنت أيها الرجل الكبير (مراهقات الرجال في السوشل ميديا ألعن من المراهقين!).

من الباث، للتيليجرام، للسناب شات، للكيك والكيك (بينهما اختلاف keek , kik)، للانستقرام، للاين، وسكايب، للهوزهير، هذا ما أعرفه، وما لا أعرف أشد وأنكى، بل لصغارنا حركات حلوة لطيفة، يقوم بحذف البرنامج أمامك، ثم يقوم بإعادة تحميله بعدك، الأمر لا يستغرق بضع ثوان، أو يحمل برنامجا يخفي البرامج، وفي قرارة سر الطفل (يضحك ويكركر عليك) ويقول: لعبت على (أبوي)، ونحن نلهث وراءهم، وليس أمامنا إلا عبارة الرجل الواعظ إذا تورط (اصبر واحتسب!)نرجع لدعاء العجائز كحل، فالتربية الكليّة، والتعلم، وقيم العمل والمجتمع الراقي؛ هي الواقي، غير هذا (يفتح الله) وعلينا أن نصبر ونحتسب!