محمد الذويبي

إلى مدربينا الأعزاء: هل أتيتم من الفضاء؟!

السبت - 09 نوفمبر 2019

Sat - 09 Nov 2019

عزمت على كتابة مقال - ولم أتردد - تعليقا على مقال للأخ العزيز صاحب القلم الفريد المحامي الأستاذ فراس طرابلسي، المنشور في هذه الصحيفة الاثنين الماضي 4 /‏ 11 /‏ 2019، والإنصاف يقتضي ألا أعمم الحكم على أساتذتي، حيث توجد استثناءات مهما زاد اليقين لدي، وثبتت القاعدة في وجداني بما سأكتبه في هذا المقال، وحسبي الله وهو شديد المحال.

ويحسن بنا أن نبدأ بذكر طبيعة العلاقة منذ بدايتها، فطالب القانون محام متدرب فعليا منذ بداية التحاقه بالحياة الجامعية، ويتطور معها كل فصل دراسي وهو في مرحلة التعليم وتطوير المهارات، ويرتقي السلم درجة درجة، وتتكون لديه الملكة القانونية، والصياغة المهنية في هذه المرحلة، وفي آخر فصل دراسي يواجه أول خطوة من خطوات طريقه خارج الجامعة في التدريب التعاوني - أعانه الله عليه، وهنا ترحب المكاتب وأربابها بالوجبة الدسمة، كيف لا وهو المجاني؟ كيف لا وهو حمل وديع لا يقوى على معارضة أو نقد؟

أربعة أشهر تبدأ بذكر بطولات المحامي، وتنتهي بأن المتدرب غير جاد في العمل، وإن وجد عملا فعليا فهو تعقيب لقضايا عفى عليها الزمن، أو إدخال طلبات التنفيذ واكتشاف موقع ناجز، أما بعد استلام وثيقة التخرج فاحذر أخي القانوني أن تطرق أبواب الجهات الحكومية أو الخاصة ذات الرواتب العالية؛ فهذه خيانة عظمى! فإن فكرت في ذلك قيل لك: إن البغاث بأرضنا يستنسر!

عزيزي القانوني، ولدت لتكون تحت وطأة المكتب لمدة ثلاث سنوات متدربا بدرجة (معقب)، وإياك أن تطلب أن تصوغ لائحة أو عقدا فأنت في أول سنة ستحفظ المحاكم ومراكز الشرطة والسجون فقط (قوقل ماب مغيب) وهنا نتذكر خطيئة جان كوم، مالك تطبيق الواتس اب، ليتك علمت أن المدرب يطلب إرسال الموقع المباشر للمتدرب في فترة عمله، ولا أستبعد إخضاعه للسوار الالكتروني لمعرفة تحركاته، وهل خرج عن خط السير أم إنه مطيع؟

وماذا بعد السنة الأولى هل حان الفرج؟ هل أثبت جدارتي؟ هل سأتوقف عن الاعتماد على المستشار الأجنبي؟ لا تستطيع، فأنت إلى الآن لم تتقن شيئا، بل لم تتعلم أي شيء، ولن تتعلم، ستبقى هكذا؛ فأنت خلال هذه السنة لم تطور نفسك، ولم تتعلم مني؛ للأسف ستجدد معنا دون مرتب! ولسان حال هذا المتدرب يقول «أحشفا وسوء كيلة» فلا هو نال فرصته الحقيقية في إثبات ذاته في العمل، ولا هو نال أجرا عن العمل فيما مضى، ولا هو يرجو أجرا فيما يأتي، وكأنه يعمل لينال مقابل العمل في الدار الآخرة.

هل نسيت عزيزي المحامي أنك كنت في يوم من الأيام متدربا وعانيت مثلنا، ألم تسمع يوما قول الله تعالى «كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم فتبينوا»، أم إنه قد تمت إضافة فقرة جديدة في المادة الثالثة من نظام المحاماة تنص على نقد المتدربين لكي تحصل على الرخصة؟

عزيزي المتدرب، للأسف لست موظفا حكوميا ولا قاضيا ولا محققا سابقا، ستسمع بنصائح من سبق ذكرهم: ابدأ من الصفر وجاهد على الدرب، بينما هم بدؤوا بمنصب ووجاهة اجتماعية واستقرار مادي لتكوين أسرة. ستسمع نصائح عن الصبر،

بينما هم لن تجدهم في الميدان ساعات، ستسمع أن الراتب لا يهم وأن الأهم الخبرة، بينما دوراتهم أعلى من رواتب متدربيهم إن وجدت لهم رواتب أصلا، سترى تنظيرا في أحكام المتدرب إن طلب راتبا! وسترى عجبا! إنه مطالب أن يعمل بالسخرة، ملزم بمئة ساعة تدريبية بقيمة 12 ألفا ضريبة الرخصة.

لا أعلم كيف يبدأ المدرب علاقة التدريب بخرق صارخ للمادة 61 من نظام العمل، هذا كله ولم نذكر التدريب بمقابل دفع إيجار المكتب أو فاتورة الكهرباء أو عملك كمسوق في أروقة المحاكم أو صدمة مركز التدريب العدلي ورسومه العالية! و»تلك ثالثة الأثافي»، وكأن المتدرب في نهاية رحلته مع مدربه الذي لم يعطه أجرا ولا ثناء يستحضر قول المتنبي:

لا خيل عندك تهديها ولا مال

فليسعد النطق إن لم تسعد الحال

وإنني على وجه العموم أطلق صرخة مدوية في هذه القضية، وأرجو ألا يكون مصير هذه القضية مثل نفخ في رماد!

أستاذي الفاضل: هل ما زلت تطالب بسن إجراءات للحد من فرار المتدرب من مكتبك والوقاية من أضرار ذلك عليك وعلى مكتبك الموقر؟ أم إنك أتيت من الفضاء؟!

@M7mdn_law