شاكر أبوطالب

إعلام رياضي غير منضبط!

الاحد - 06 أكتوبر 2019

Sun - 06 Oct 2019

في أول صحيفة عملت بها أثناء فترة دراستي الجامعية، وبعد أربعة أعوام من التدريب والتجريب والتنقل بين أقسام الصحيفة، تشكلت لدي نظرة غير إيجابية تجاه الصحافة الرياضية، نتيجة تراكم كثير من الملاحظات والمآخذ بشكل يومي، سواء بيئة العمل داخل القسم الرياضي وطبيعة العلاقات بين العاملين فيه، أو أسلوب إنتاج الصفحات الرياضية، أو مستوى المهنية في المحتوى المنشور، رغم أن القسم الرياضي في الغالب يعد من أكبر الأقسام الصحفية بالصحيفة، من حيث عدد العاملين فيه، سواء الصحفيين المتفرغين أو المتعاونين، وكذلك التسهيلات المعنوية والمادية، لأن الرياضة تتمتع بجماهيرية تفوق بقية الأقسام الصحفية والإعلامية الأخرى.

هذه النظرة السلبية تطورت بمرور الزمن إلى موقف دفعني إلى عدم الاقتراب من الصحافة الرياضية، ومن حسن حظي أنني لم أعمل أبدا في الإعلام الرياضي، الذي وصل حاليا إلى مستويات متقدمة جدا من السذاجة في صناعة المحتوى، ومستويات متدنية في الطرح تصل إلى حد الحماقة والجهل والطيش والرعونة، وتحديدا البرامج التلفزيونية الرياضية التي وكما يبدو غير خاضعة للرقابة «القَبْلية» أو «البعدية» من قبل وزارة الإعلام.

ورغم تميز الإعلام الرياضي بميزة لا تتوفر لغيره من أنواع الإعلام، إذ تعد شؤون الرياضة من الأقسام التي يرتفع فيها سقف الحرية إلى مستويات أعلى بكثير من الحرية في الشؤون السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية مجتمعة، لم تستثمر هذه الميزة لتطوير قطاع الرياضة وقيادة المشهد الإعلامي نحو أفضل الممارسات.

على مستوى الصحافة ورياضة كرة القدم، قررت معظم الصحف السعودية الوقوف خلف فريق واحد فقط، مبرر ذلك الجماهيرية لبيع محتوى الصفحات والملاحق الرياضية، فاستثمر بقية رؤساء الأندية هذه الحالة لإلزام الصحف بتوظيف مراسل معتمد للنادي، ومن هذا الباب الخلفي، ودون تأهيل أو تدريب إعلامي أو صحفي، دخل معظم الصحفيين والمراسلين والمذيعين الحاليين المختصين بشؤون كرة القدم، أما بقية المحللين والنقاد لشؤون كرة القدم، فدخلوا من باب أوسع، وهو باب «الشللية».

وحتى نتصور حجم الأزمة وأبعادها، فلنتخيل رحلة شاب أو مراهق في كل ليلة مع محتوى معظم البرامج التلفزيونية الرياضية؛ التي تجاوزت مساحات الإثارة إلى مساحات أخرى تنتهك فيها القيم والأخلاق والأعراف، وتبجل خلالها الأخطاء في سياق ما يسمى بـ «الطقطقة»، ناهيك عن السقوط التام لأخلاقيات المهنة الإعلامية، وتشويه ما تبقى من ممارسات الإعلام المرئي، مع عدم الاكتفاء بذلك، إذ تتواصل فصول المسرحية الهزلية في وسائل التواصل الاجتماعي، عبر الحسابات الرسمية والشخصية، مع تفاعل معظم الفئات العمرية المتابعة لشؤون الرياضة عامة، وشأن كرة القدم خاصة.

كل ما سبق، وأكثر منه، يحصل أمام مرأى ومسمع وزارة الإعلام، والهيئة العامة للرياضة، وهما الجهتان الحكوميتان المسؤولتان عن أية إساءة للصورة الذهنية للرياضة السعودية وسمعتها في داخل المملكة وخارجها، فضلا عن انحراف معظم البرامج التلفزيونية والملاحق الصحفية الرياضية عن أهداف وغايات الإعلام الرياضي، ودوره الفعال والمؤثر في توجيه الرأي العام، كونه ذا طبيعة جماهيرية، ودعم وتطوير صناعة الرياضة في المملكة، والتي استثمرت فيها الحكومة مليارات الريالات خلال العامين الماضيين، ومن المحبط فعلا التفريط في مكتسبات المرحلة الماضية، نتيجة إعلام رياضي غير منضبط!

shakerabutaleb@