محمد حطحوط

الطلاق في السعودية.. فلة ووناسة!

السبت - 07 سبتمبر 2019

Sat - 07 Sep 2019

في رحلة داخلية من أتلانتا الأمريكية إلى نيويورك، على متن خطوط الساوث ويست، لديها نظام غريب في الإركاب إذ لا توجد مقاعد محددة لكل راكب، وإنما من (سبق لبق)، فيبدأ كبار السن وذوو الاحتياجات الخاصة يتلوهم العوائل والأطفال، ثم الشباب. دخلت الطائرة وإذا في آخرها مقعد في المنتصف بين رجل وامرأة يبدو لوهلة أنهما يعرفان بعضهما. لكن الغريب أن المرأة جالسة على الممر، بينما الرجل على النافذة، وبكل أدب همست لهما: تستطيعان أن تجلسا بجانب بعضكما، فالأمر بالنسبة لي لا يفرق كثيرا، فردت الفتاة: شكرا لذوقك.. ولكن لا حاجة لذلك.

أقلعت الطائرة وبدأ الرجل مشاهدة مسلسل على جواله عن يساري، بينما الفتاة معها أوراق تقلبها عن يميني، وأحيانا تهمس بكلمات للرجل، ويتضح أنه غير مكترث لما تقول! اشتعل الحس الصحفي لفك شيفرة هذه المعادلة الغريبة التي وقعت فيها. سألت الرجل: هل أنتم أصدقاء؟ فأجاب: هذه زوجتي سابقا، ونحن الآن في إنهاء أوراق الطلاق، وهي عبارة عن وثيقة تصل لعشر صفحات فيها تفاصيل توزيع جميع الممتلكات. يكتب في صك الطلاق كيف تقسم الثروة المالية في البنك، والمنزل بجميع أثاثه، والسيارات والشركات التجارية وغير ذلك. جيف بيزوس مؤسس أمازون اضطر لدفع 75 مليار دولار لزوجته السابقة قبل أسابيع، لتصبح هي بين عشية وضحاها أغنى امرأة في العالم!

كل ما سبق قد لا يعني القارئ الكريم، لأن كل نظام قضائي له تفاصيله الخاصة، ولكن الذي لفت انتباهي في الطلاق هو كيف يتعامل القانون الأمريكي مع الأطفال عند الطلاق، وهنا مربط الفرس في مقال اليوم، لأن مقاصد الشريعة واضحة وجلية بحفظ حقوق الضعفاء والأطفال، ولم تتحول لنظام صارم بعد في المملكة، إذ بمقدور أي أب لديه عشرة أطفال اليوم أن يتجه لأقرب محكمة، ويطلق زوجته دون أي تبعات مالية! مع أن الشريعة أوجبت النفقة، ولأن غالب الناس يخافون الله، ينفقون خوفا منه سبحانه، أو هربا من العار الاجتماعي، ولكن هناك عينة في المجتمع لا يردعها سوى القانون الصارم! تضطر أمهات للسكوت أحيانا، أو للشكوى وتدخل العوائل في صراع لا ينتهي!

عند الطلاق في أمريكا لا بد من وضوح التالي: الأطفال في حضانة من؟ وعلى الأبوين تكفل جميع النفقات، بحسب راتب كل منهما. عندما يقرر القاضي كمثال أن نفقة الأطفال 1500 ريال شهريا، وراتب الأم 5 آلاف، بينما راتب الأب 15 ألفا، فإن الأب ملزم بدفع ألف ريال شهريا، والأم 500. ويكتب بصك الطلاق المنع التام لسب الطرف الآخر عند تواجد الأطفال لديه، وفي حال ثبوت ذلك، تسحب الرعاية منه.

كل هذه خطوات هدفها كفل حياة كريمة وصحية لأطفال صغار لا ذنب لهم، وهي حقوق كفلتها الشريعة، لكنها لم تتحول بعد إلى سلسلة قوانين تحفظ حق الرجل والمرأة والطفل على حد سواء. ولهذا تكتشف بمقارنة لعملية الطلاق بيننا وبينهم أن الطلاق في السعودية مثل شرب الشاهي! وهذا قد يفسر انتشار ظاهرة الطلاق.

mhathut@