فهد عبدالله

التركيز المدهش

السبت - 31 أغسطس 2019

Sat - 31 Aug 2019

مبدأ باريتو (Pareto Principle) أو ما يعرف بقاعدة (20/80) أثبت جدواه وأصبح ثقافة ذات عدوى في عالم الأعمال الناجحة، وتحقيق الأهداف بطرق ذكية يأخذ فيها العقل حظا كبيرا في توجيه تحقيق الأعمال بطريقة فاعلة وأقل جهدا وأكثر تركيزا.

فلفريدوا باريتو مفكر اجتماعي واقتصادي إيطالي لا تزال أفكاره الرئيسية ذات صلة اليوم، وأحد أشهر علماء الاجتماع والاقتصاديين في القرنين التاسع عشر والعشرين، له نظريات عدة مثل نظرية النخبة، وهو أيضا صاحب النظريتين الاقتصاديتين أمثلية باريتو وأفضلية باريتو، وله مدرج إحصائي عرف باسم مخطط باريتو، وكذلك توزيع باريتو الاحتمالي، وهو صاحب المقولة الشهيرة «التاريخ مقبرة من الطبقات الأرستقراطية».

وكان أساس هذا المبدأ لحظات التأمل الموجودة في حديقته التي كان يزرع فيها الفاصولياء، ووجد أن 80 % من المحصول تنتجه 20% من نباتات الفاصولياء، بعدها بدأت الرحلة العظيمة لمعالم هذا المبدأ الذي تنامى ليشمل مجالات الاقتصاد والإدارة وتطوير الذات وجميع الأعمال أيا كان نوعها، سواء كانت فردية أو جماعية.

ولاحظ فالفريدو بعد ذلك أن المجتمع الإيطالي يتكون من 20 % من الأقلية الحيوية من حيث التأثير والملكية والمال و80 % من الأكثرية العادية، وتمدد هذا المبدأ كثيرا ليشمل نشاطات كثيرة جدا على مستوى المجتمعات والأفراد، فاكتشف لاحقا أن 80 % من الأراضي الإيطالية يمتلكها 20 % من السكان، وبعد دراسات عدة أكثر توسعا اكتشف أن هذه النسبة أيضا صحيحة على مستوى العالم.

بعد ذلك تأسس مبدأ باريتو الذي مفاده بكل اختصار أن 80% من النتائج سببها 20% من الأسباب، والنسبة هنا ليست بالضرورة أن تكون دقيقة جدا، ولكن المقصد الأساسي أن يكون هناك إدراك أن الجزء الأكبر من الأهداف يحققه جزء قليل من الأعمال، أو بعبارة أخرى أن جزءا قليلا من الأسباب يتسبب في الكم الأكبر من النتائج.

لذلك كان منحنى باريتو (Pareto Chart) من الرسومات المفيدة جدا لمعرفة أهم الأعمال التي تحقق أكبر النتائج أو أكبر الأسباب لمعرفة لوجود المشاكل المركبة، ويساعد على بلورة الأولويات بدلا من تراكم الجهود والموارد المهدرة التي ليس لها تأثير كبير في تحقيق الأهداف الكبرى أو حل المشاكل المؤرقة.

قانون باريتو لا يمكن أن يستخدم بفعالية وهناك خلل في قراءة المعطيات، لذلك كانت الأهمية هنا تعبر عن نفسها في ضرورة تعلم فن الأولويات والتقييم المتوازن والصحيح للأمور دون تطرف أو تساهل.

لذلك كانت الحاجة ماسة لمثل هذا القانون وما يرتبط به من مهارات في منظومات العمل التي تجهد نفسها بتعقب كثير من الأهداف، وبعد أجل ليس بالبعيد تكتشف أن الكثرة غلبت التركيز ونوعية الإنجاز، ومنظومات العمل التي لا تجيد قراءة المعطيات وتضع عشرات الأهداف وتضخ فيها الجهود كيفما اتفق دون تركيز في التخطيط أو تخطيط للتركيز أو معرفة للأولويات وقراءة للمعطيات الحالية والمستقبلية؛ ستجد كما كبيرا من القرارات الخاطئة والمتناقضة، وقليلا من الإنجازات النوعية وأجواء ملبدة بثقافة الطوارئ الإدارية التي تجوب الزمان والمكان.

هدف كبير واحد يحقق الإضافة النوعية الكبرى، والذي إذا تحقق يدهشك ويدهش الآخرين، خير من عشرات الأهداف التي تقع على الهامش، والتي يحيط بها الشك من جميع الجوانب في تحقيقها بفاعلية.

@fahdabdullahz