هل قبلتم أيها السعوديون الاعتذار؟
الجمعة - 10 مايو 2019
Fri - 10 May 2019
برنامج جماهيري يتابعه كثيرون في موسم جلوس الناس جماعات أمام شاشات التلفاز بحثا عما لذ وطاب من دراما وفكاهة. يظهر الشيخ القدير مع الإعلامي المتألق في مشهد نادر يكتبه التاريخ، حيث يقدم الشيخ اعتذارا علنيا لشعب كامل. أما الاعتذار فهو باسم المشايخ والمؤسسات الدينية التابعة للتيار الصحوي. وأما الشعب فهو نحن، نعم أنا وأنت وجدتي وخالتي وحتى البواب. وموضوع الاعتذار هو التضييق الديني والتشديد العقائدي الذي مورس علينا في كل مرافق حياتنا خلال عقود من الزمن. فهل تقبل أيها الشعب الاعتذار؟
حقيقة بداخلي تياران يتصارعان. أما الأول فقد شعر بقدر يسير من الرضا بهذا التصريح العلني، وبعض من المواساة على أيام سرق منها فكر معين ربما أجمل ما فيها، وكثير منا ما زال يعيش آثاره وتبعاته. وكأن هذا التصريح كان خاتمة الموسم، أو بمعنى أصح خاتمة حقبة زمنية، بل خاتمة عصر وبداية عصر جديد.
وهناك تيار ثان شعر بالاستياء والألم، نعم الاستياء والألم لأنه يخبرنا بأن حياتنا كلها كانت خطأ كبيرا. بأن كل ما آمنا به وعشنا حياتنا على حدوده ما هو إلا اجتهاد خاطئ، ونحن كالتبع سايرنا وتبعنا وما كان لنا في أمرنا ناقة أو جمل. والآن بما أنهم هم تغيروا فعلينا نحن أن نتغير. حقيقة مُرة علينا أن نواجهها لأنها ستجعلنا ندرك أننا كنا شركاء في الخطأ، وأننا فضلنا أمان المألوف على زعزعة المختلف.
كمولودة من جيل الثمانينات فإنني أرفض أن أنظر لنفسي بشفقة وأتحسر على ما عشته أو دفعته من عمري وتجاربي في ظل الفكر الصحوي. وكإنسان لديه قناعاته الخاصة وفكره المتفرد بفرادته أختار أن أتعلم من الدرس، نعم حتى ولو كان درسا قاسيا. إنه درس لنا وللأجيال القادمة، بأن العالم يتقادم، وأن أي حقيقة هي مرهونة بزمان معين ومكان محدد بسبب الواقع المتطور، ومن ثم فالحقيقة متغيرة.
وأنني سأكون دائما كإنسان حر مخيرا ومسؤولا عن خياراتي واختياراتي، وعليه فلا يحق لي أن أحكم على اختيارات الناس. أن أعطي ما يبدو مختلفا وغريبا فرصة، فربما بعد فترة أكتشف صلاحه وصحته.
والأهم أننا يجب أن نبدأ في إعطاء الأشياء المهمة حقها بدلا من التركيز على المشايخ والفتاوى، أو على الترفيه والترويح. نعم علينا أن نقلب الصفحة، ونعيد توجيه تركيزنا إلى ما يهم حقا. فهذا العالم الجديد لكيلا نضيع فيه نحن بحاجة الى أدوات أهمها الفكر والهوية والقيم. لذا فلنسامح ليرقد الماضي ونعيش مع دواخلنا في سلام. ولنتعلم من نيلسون مانديلا الذي حبسه الاستعمار البريطاني لمدة 27 عاما، وحين تم الإفراج عنه قال «نحن لا ننسى.. ولكن نتسامح». فباسم الوطن لنعلن السماح للجميع. والله غفور رحيم.
@HebaKadi
حقيقة بداخلي تياران يتصارعان. أما الأول فقد شعر بقدر يسير من الرضا بهذا التصريح العلني، وبعض من المواساة على أيام سرق منها فكر معين ربما أجمل ما فيها، وكثير منا ما زال يعيش آثاره وتبعاته. وكأن هذا التصريح كان خاتمة الموسم، أو بمعنى أصح خاتمة حقبة زمنية، بل خاتمة عصر وبداية عصر جديد.
وهناك تيار ثان شعر بالاستياء والألم، نعم الاستياء والألم لأنه يخبرنا بأن حياتنا كلها كانت خطأ كبيرا. بأن كل ما آمنا به وعشنا حياتنا على حدوده ما هو إلا اجتهاد خاطئ، ونحن كالتبع سايرنا وتبعنا وما كان لنا في أمرنا ناقة أو جمل. والآن بما أنهم هم تغيروا فعلينا نحن أن نتغير. حقيقة مُرة علينا أن نواجهها لأنها ستجعلنا ندرك أننا كنا شركاء في الخطأ، وأننا فضلنا أمان المألوف على زعزعة المختلف.
كمولودة من جيل الثمانينات فإنني أرفض أن أنظر لنفسي بشفقة وأتحسر على ما عشته أو دفعته من عمري وتجاربي في ظل الفكر الصحوي. وكإنسان لديه قناعاته الخاصة وفكره المتفرد بفرادته أختار أن أتعلم من الدرس، نعم حتى ولو كان درسا قاسيا. إنه درس لنا وللأجيال القادمة، بأن العالم يتقادم، وأن أي حقيقة هي مرهونة بزمان معين ومكان محدد بسبب الواقع المتطور، ومن ثم فالحقيقة متغيرة.
وأنني سأكون دائما كإنسان حر مخيرا ومسؤولا عن خياراتي واختياراتي، وعليه فلا يحق لي أن أحكم على اختيارات الناس. أن أعطي ما يبدو مختلفا وغريبا فرصة، فربما بعد فترة أكتشف صلاحه وصحته.
والأهم أننا يجب أن نبدأ في إعطاء الأشياء المهمة حقها بدلا من التركيز على المشايخ والفتاوى، أو على الترفيه والترويح. نعم علينا أن نقلب الصفحة، ونعيد توجيه تركيزنا إلى ما يهم حقا. فهذا العالم الجديد لكيلا نضيع فيه نحن بحاجة الى أدوات أهمها الفكر والهوية والقيم. لذا فلنسامح ليرقد الماضي ونعيش مع دواخلنا في سلام. ولنتعلم من نيلسون مانديلا الذي حبسه الاستعمار البريطاني لمدة 27 عاما، وحين تم الإفراج عنه قال «نحن لا ننسى.. ولكن نتسامح». فباسم الوطن لنعلن السماح للجميع. والله غفور رحيم.
@HebaKadi
