حنان درويش عابد

رمضان.. شهر الإدارة الأفضل

السبت - 04 مايو 2019

Sat - 04 May 2019

بينما تستقبل أمتنا الإسلامية ضيفا عزيزا على قلوبنا جميعا، ينثر على مدى شهر قمري معاني إنسانية ودينية غاية في الجمال والتجرد، نطرح ربما كل عام التساؤل الأبرز على طاولة نقاشنا المجتمعي، وهو هل يجب أن يكون رمضان، بما يحمله من خصوصية فكرية تميزه عن بقية الشهور الأخرى، شهرا نتعاطى فيه مع إدارة الحياة وفق مفهوم يتناسب مع خصوصيته تلك؟ أم إنه من الطبيعي أن نرى ممارسات إدارية في حياة بعض أو كثير من الناس تنظر إلى شهر رمضان من منظور مغاير ومعاكس لما يجب أن تكون عليه الأمور؟

في رحلة سبر أغوار هذه القضية سنوية التكرار، سندرك عاجلا أو آجلا أن الجواب لا تحدده الممارسات الجماعية وحدها، وأن سوء إدارة الحياة لدى البعض في رمضان نابع في أصله من قناعات شخصية بحتة لا علاقة لها بالدرجة الأولى بمسألة التقليد والمحاكاة الاجتماعية. وإن كان لعنصر التقليد دور لا يمكن إنكاره، إلا أن أساس المشكلة يقوم على قناعة الفرد والأسرة بما يجب أن يكون وما يجب ألا يكون، ولذا فتلك الإدارة المعاكسة لما جاء شهر رمضان من أجله، تعزى في أساسها إلى فكر فردي وليس جماعيا بالضرورة.

والإدارة الشخصية والأسرية في شهر رمضان لا تمثل فقط الفكر الفردي الخاص حول قضايا مثل كميات الطعام المستهلكة، والفائض منها، ولكنها أيضا قضية تتشابك الإدارة فيها حُسنا أو سوءا مع أنشطة يومية على رأسها العمل والأداء الوظيفي، ومن ثم السلوك الشخصي مع الآخرين، ومدى استعداد الصائم لإدراك الحاجة لأن يكون شهر رمضان قابلا للمقارنة بدرجة جيدة مع الشهور الأخرى إدارة وأداء، وقابلية الفرد للابتعاد عن المبالغة في تصنيف شهر رمضان كشهر استثنائي خارج نطاق الزمن المعترف به من قِبله، حيث يجنح بعض أو كثير من الناس إلى الدخول في حالة نفسية استباقية قبل بداية الشهر، إذ يعتبرون أنهم على وشك الانتقال المبرر من وجهة نظرهم إلى شهر من نوع خاص، من الطبيعي، كما يظنون، أن يكون شهرا للمبالغة في الإنفاق، وأحيانا المبالغة الكبيرة، وهو أيضا شهر تسقط فيه بالنسبة لهم جميع نظريات الإدارة الفردية، أو الجماعية، أو المؤسسية، ويصبح الأداء والجودة في أدنى مستوياتهما.

في الحقيقة، نحن بحاجة إلى عصف ذهني فردي وجماعي حول قضية الإدارة في مجتمعاتنا المسلمة في شهر رمضان، فقد أوصانا نبينا صلى الله عليه وسلم بالسحور، وهذا يضمن تركيزا وأداء عاليا أثناء النهار في مؤسساتنا. وأوصانا ربنا جل وعلا ونبينا صلى الله عليه وسلم بالاقتصاد والبعد عن التبذير، والقضية لا تعدو أن تكون بحاجة إلى مراجعة موروثنا الثقافي وفق الكتاب والسنة، لنخرج بنتائج أفضل في شهر لا يغادرنا إلا وقد صنع في نفوسنا روحانيات وطاقة إيجابية استثنائية، وهو لهذا يستحق منا حسن الإدارة وحسن الأداء.