سليمان حمدي القرشي

الأم.. مبعث الطمأنينة

السبت - 04 مايو 2019

Sat - 04 May 2019

أنعم الله عز وجل على عباده بنعم عظيمة في حياتهم وهذه النعم كثيرة ولا يمكن حصرها فله الحمد والشكر. ونحن كمسلمين نؤمن بما قدره الله لنا ونرضى به دون علمنا بما هو كائن أو بما سيكون حتى يأتينا الأجل وتنتهي أعمارنا. فرحم الله من مات من أحبائنا وأطال عمر من بقي منهم في طاعته.

عندما توفيت والدتي رحمها الله وأسكنها الجنة نزل خبر وفاتها علينا كالصاعقة التي زلزلت كيان الأسرة لأننا لم نكن نتوقع وفاتها، فقد كانت لنا الأم الرؤوم، بل كانت لنا الدنيا بأكملها وبابا من أبواب الجنة، وعلى الرغم من أنها قد فقدت بصرها بسبب المرض، إلا أنها لم تفقد بصيرتها التي كانت تستمدها من علاقتها القوية بربها.

كنا نشعر أنها لم تكن امرأة عادية، بل كنا نشعر أنها كالملكة التي ترعى شعبها وتحميهم بكل ما أوتيت من قوة وحزم وعزم، وتقف بجانب كل واحد منا وتعينه على نائبات الدهر. كانت امرأة قوية حكيمة ذات هيبة، ولكنها مع ذلك كانت رحيمة وعطوفة وتملك من الحنان الذي فاض حتى بلغ الأهل والجيران.

إن للمرأة بصفة عامة والأم بصفة خاصة دورا عظيما في بناء الأسرة المسلمة وتماسك بنيان المجتمع المسلم، وهذا هو دورها الأساسي حتى ينتج منها أبناء يحمون الوطن ويدافعون عنه ويساهمون في رقيه وتقدمه. فإن وجدت خللا في دورها فاعلم أن هناك أسبابا أدت إلى ذلك وأولها تغير فطرتها كأم وثانيا تقليد المرأة في المجتمعات الغربية.

في يوم وفاة والدتي اسودت الدنيا في عيني وقد انفطر قلبي عليها ودارت في مخيلتي كثير من الأحداث والمواقف معها، وتمنيت لو استطعت أن أعطيها من عمري، ولم يخفف عني ضيق صدري سوى ذلك الطفل الذي لم يتجاوز العشرة أيام، والذي قدر الله له أن يدفن معها في قبرها، فأحسست بطمأنينة غريبة تسري في عروقي، وانزاح الهم عني وظننت أن الله أرسله لها كي يؤنس وحشتها به وألا تبقى في تلك الحفرة وحيدة إلى يوم البعث.