الخبرة المطلوبة للعمل

الأربعاء - 17 أبريل 2019

Wed - 17 Apr 2019

نعلم أن بعض «الخبرات العملية» المطلوبة للتوظيف مبالغ فيها، وبعضها تعجيزي، ولكن بعضها الآخر ضروري للقيام بالعمل، وفي المقابل هناك مبالغة من البعض في التقليل من أهمية الخبرات للقيام في بعض الوظائف. الكثير يرى من منظاره ومن خبرته وأيضا من مصلحته، ولعل طرحنا هنا يكون متوازنا لكل الأطراف، والمصلحة الأولى والأخيرة للوطن والمواطنين، سواء كانوا أصحاب عمل أو موظفين أو باحثين عن عمل.

ربما يتفق كثيرون على أن توطين وظائف المعلمين والمعلمات سهل وقابل للتطبيق بدرجة كبيرة ولا يتطلب خبرات سابقة للتدريس، فقد يكون بعض حديثي وحديثات التخرج يتفوقون على بعض الخبرات في التدريس إذا كانت لديهم مهارات عالية وطرق تدريس جديدة، حتى بعض الخريجات القديمات مؤهلات وجاهزات لهذه الوظائف.

هذا الكلام ينطبق حتى على بعض أعضاء هيئة التدريس بالجامعات خصوصا لتدريس المواد في المراحل الأولى من المرحلة الجامعية، ولكن هل ينطبق الكلام نفسه على أساتذة الجامعات في المواد التي تحتاج إلى خبرات عالية في مواد متقدمة بالتخصصات الطبية والهندسية وما شابهها؟ هل يستطيع أستاذ جامعي سعودي جديد ليس لديه سابق خبرة القيام بمراجعة وقبول دراسات وبحوث ورسائل ماجستير ودكتوراه؟ ماذا عن تخصصات معقدة مثل هندسة وبرمجة الكمبيوتر؟ وماذا عن جميع التخصصات؟ الخلاصة أن الوظائف التعليمية بعضها قابل للتوطين اليوم، وبعضها يحتاج إلى تجهيز وتدرج وإحلال ضمن خطة واضحة وتتضمن عناصر النجاح المطلوبة.

ماذا عن القطاع الصحي؟ الوضع يختلف عن التدريس، غالبية الأطباء غير السعوديين في المملكة ليسوا في المراحل الأولى من حياتهم العملية ولديهم خبرات عالية، هل يمكن استبدالهم بسعوديين حديثي التخرج؟ أم إنه لا بد من وجود خطة إحلال وقد تستغرق وقتا طويلا لاكتمال جزء كبير منها؟ ولكي أكون واضحا أكثر، هل يمكن توطين وظائف 69 ألف طبيب غير سعودي موجودين حاليا بالمملكة؟ هل يمكن توطين وظائف 117 ألف ممرضة غير سعودية و28 ألف مختص غير سعودي من الفئات الطبية المساعدة؟ لا يوجد لدينا أعداد جاهزة لهذا الإحلال أصلا ناهيك عن أهمية الخبرات.

يعمل بالمستشفى المجاور لمنزلك 200 ممرض وممرضة غير سعوديين ومعدل سنوات خبرتهم تقريبا 10 سنوات، أي إن ذلك المستشفى به 2000 سنة خبرة «تمريض». السؤال: هل يمكن توطين هذه الوظائف دفعة واحدة بـ 200 ممرضة سعودية حديثة التخرج ودون سابق خبرة، ونجرد ذلك المستشفى من خبرة 2000 سنة «تمريض»؟ ألا نتفق على أن التوطين يجب أن يكون ضمن خطط تدريب وتأهيل وإحلال تدريجي؟

الجميع متفق على أهمية التوطين، ولكن ليس من المعقول أن نسوق لمعلومات خاطئة ونطالب دون إلمام بتفاصيل المواضيع، فعندما تسمع شخصا يقول إنه لدينا مليون باحث عن عمل وفي المقابل 10 ملايين أجنبي لا تعتقد أنه على حق، والمفروض أن يكون على إدراك بأنواع الوظائف وتفاصيلها، فـ 2.5 مليون شخص من الـ 10 ملايين أجنبي عمالة منزلية، و6.5 ملايين عمالة رواتبهم دون الثلاثة آلاف، والبقية مليون غير سعودي رواتبهم فوق 3000 ريال شهريا، ومنهم الأطباء والممرضون والأساتذة الجامعيون، فلا يمكن توطينهم دون التأهيل والتجهيز لسوق العمل، وفي المقابل يمكن توطين بعضهم بوتيرة أسرع مما هي عليه الآن.

الكلام ينطبق على غالبية التخصصات الأخرى، الخبرات مطلوبة ولكن يجب (أولا) تسريع برامج التوطين التي تعمل عليها وزارة العمل، و(ثانيا) برامج التوطين بحاجة لتفهم ومساعدة أصحاب الشركات والأعمال. صاحب العمل وهو صاحب الشأن لا يقبل أن يوطن وظائف هندسية وتسويق وإدارة ومحاسبة وغيرها حتى يضمن الإنتاجية والكفاءة، والبعض الآخر لا يريد التوطين أصلا ويضع الشروط التعجيزية،

والموضوع به تحديات كثيرة وكبيرة، ولو أن الموضوع بيد الوزارة لوجدنا أنها أصدرت قرار فرض التوطين من الغد ولكن لا تعمل ذلك للأسباب التي ذكرناها.

حديثنا اليوم عن التوطين وهو جزء من (التوظيف)، الجزء الآخر والأكبر هو التوسع بالأعمال وفتح فرص جديدة ومشاريع ومنشآت جديدة لتوليد وظائف جديدة.

Barjasbh@