في لبنان.. ماذا يحمل بومبيو؟
السبت - 23 مارس 2019
Sat - 23 Mar 2019
التصادم الأمريكي الإيراني مستمر في منطقة الشرق الأوسط، ومتدرج نحو التشدد الأمريكي في العقوبات على نظام طهران وميليشياتها في المنطقة.
هذه كانت في الساحة اللبنانية المتهالكة، حيث أطل وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو الجمعة الماضي من العاصمة اللبنانية بيروت، محذرا لا ناصحا، وطالبا من المسؤولين اللبنانيين كف يد حزب الله عن القرارات السيادية في لبنان، وأكد ضرورة الالتزام بالعقوبات الأمريكية عليه، وعلى إيران، وطلب من القطاع المصرفي والمصرف اللبناني المركزي سرعة اتخاذ إجراءات تمنع إيران وحزب الله من استخدام هذا القطاع للالتفاف عليها، فصبر واشنطن بدأ ينفد.
زيارة بومبيو في رأيي تتعلق بمسألتين، الأولى ليست سرية، فبومبيو جاد جدا في موضوع انضمام لبنان إلى تحالف استراتيجي في الشرق الأوسط لمواجهه ما وصفها بأخطار قادمة من طهران، وجاد في مناقشة سياسة النأي بالنفس التي يعلنها قصر بعبدا وينتهكها حزب الله الإيراني ليلا ونهارا، وجاد أيضا بتضييق الخناق الاقتصادي بأدق تفاصيله على المحور كاملا، لذا فإن قادة ميليشيات حزب الله الإرهابي وفريقه وشركاءه يصورون هذه الزيارة وكأنها إعلان حرب على لبنان.
بومبيو يعلم أن ما يعلن عنه من مشاريع يحملها إلى لبنان في وسائل الإعلام تفتقر إلى الواقعية حيال الواقع السياسي اللبناني الحالي، لأنه منزوع الإرادة أمام التهديد الإيراني المتمثل في هذا الحزب الشيطاني، خاصة بعد أن بلغ الآن ذروة نفوذه بسبب تلاعبه في الانتخابات النيابية، فتمكن من السيطرة على البرلمان اللبناني، وفرض تشكيل الحكومة الحالية مع ضمان امتلاك الثلث المعطل فيها، ولا يتردد في التبجح بتمرده على توجهات رئاسة الجمهورية لتفوقه عسكريا على القوات المسلحة اللبنانية، إلا أن ما تمليه ظروف المنطقة يفرض تبدل استراتيجيات الإدارة الأمريكية، من خلال تبني دعم الدولة في لبنان بكل مؤسساتها للانفصال عن النفوذ الإيراني الذي يمثله حزب الله، من خلال منع توغله في مشهد القضايا اللبنانية، وإعادته إلى حجمه الطبيعي في التركيبة السياسية اللبنانية، وتحجيم أنشطته الإرهابية، وإضعاف موارده المالية، على أمل أن تعيد هذه الاستراتيجية التوازن في فائض ميزان القوة والتأثير، والذي يهدد الدولة والشعب، وينذر بكوارث جسيمة في مستقبل لبنان القريب.
بقدر ما تسعى الحكومة الأمريكية وعلى رأسها الرئيس ترمب إلى سرعة تنفيذ هذه الاستراتيجية لكبح نفوذ حزب الله اللبناني المدعوم من إيران، فإن حكومة الكيان الإسرائيلي تريدها بدافع أكبر، وهذا يسوقني للحديث عن المسألة الثانية في زيارة بومبيو، وإن لم تحظ بشيء من نصيب التصريحات الإعلامية، إلا أن المؤكد طرحه موضوع استخراج الغاز في المياه الإقليمية المحاذية لحدود لبنان الجنوبية المحتلة من إسرائيل، ليس هذا حبا في إرساء سيادة لبنان على أرضه، بل لأن لبنان يريد استثمار حقول الغاز فيها، وتصر إسرائيل على ملكية جزء منها، وهذا لا يشكل عقبة بحد ذاته، فمن السهل على بومبيو الوصول إلى حل لتقسيم الحدود البحرية بين لبنان والكيان الإسرائيلي المحتل، وإنما سبب حرص الأمريكان والإسرائيليين هو الخشية من أن يقتطع حزب الله جزءا كبيرا يقدر بمليارات الدولارات لتمويل نفسه من واردات هذا الاستثمار في النفط والغاز.
أخيرا، مهما تنوعت التحليلات وتغيرت معانيها من منبر إلى آخر ستكون زيارة بومبيو إلى لبنان وقود حرب ناعمة لأيام بين المحاور المتصارعة فيه، وسترتفع سحب الاشتباك السياسي الداخلي فوق واقع الزيارة، وكل فريق سيترجمها وفق أجندته وما تتطلبه مصالحه.
hq22222@
هذه كانت في الساحة اللبنانية المتهالكة، حيث أطل وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو الجمعة الماضي من العاصمة اللبنانية بيروت، محذرا لا ناصحا، وطالبا من المسؤولين اللبنانيين كف يد حزب الله عن القرارات السيادية في لبنان، وأكد ضرورة الالتزام بالعقوبات الأمريكية عليه، وعلى إيران، وطلب من القطاع المصرفي والمصرف اللبناني المركزي سرعة اتخاذ إجراءات تمنع إيران وحزب الله من استخدام هذا القطاع للالتفاف عليها، فصبر واشنطن بدأ ينفد.
زيارة بومبيو في رأيي تتعلق بمسألتين، الأولى ليست سرية، فبومبيو جاد جدا في موضوع انضمام لبنان إلى تحالف استراتيجي في الشرق الأوسط لمواجهه ما وصفها بأخطار قادمة من طهران، وجاد في مناقشة سياسة النأي بالنفس التي يعلنها قصر بعبدا وينتهكها حزب الله الإيراني ليلا ونهارا، وجاد أيضا بتضييق الخناق الاقتصادي بأدق تفاصيله على المحور كاملا، لذا فإن قادة ميليشيات حزب الله الإرهابي وفريقه وشركاءه يصورون هذه الزيارة وكأنها إعلان حرب على لبنان.
بومبيو يعلم أن ما يعلن عنه من مشاريع يحملها إلى لبنان في وسائل الإعلام تفتقر إلى الواقعية حيال الواقع السياسي اللبناني الحالي، لأنه منزوع الإرادة أمام التهديد الإيراني المتمثل في هذا الحزب الشيطاني، خاصة بعد أن بلغ الآن ذروة نفوذه بسبب تلاعبه في الانتخابات النيابية، فتمكن من السيطرة على البرلمان اللبناني، وفرض تشكيل الحكومة الحالية مع ضمان امتلاك الثلث المعطل فيها، ولا يتردد في التبجح بتمرده على توجهات رئاسة الجمهورية لتفوقه عسكريا على القوات المسلحة اللبنانية، إلا أن ما تمليه ظروف المنطقة يفرض تبدل استراتيجيات الإدارة الأمريكية، من خلال تبني دعم الدولة في لبنان بكل مؤسساتها للانفصال عن النفوذ الإيراني الذي يمثله حزب الله، من خلال منع توغله في مشهد القضايا اللبنانية، وإعادته إلى حجمه الطبيعي في التركيبة السياسية اللبنانية، وتحجيم أنشطته الإرهابية، وإضعاف موارده المالية، على أمل أن تعيد هذه الاستراتيجية التوازن في فائض ميزان القوة والتأثير، والذي يهدد الدولة والشعب، وينذر بكوارث جسيمة في مستقبل لبنان القريب.
بقدر ما تسعى الحكومة الأمريكية وعلى رأسها الرئيس ترمب إلى سرعة تنفيذ هذه الاستراتيجية لكبح نفوذ حزب الله اللبناني المدعوم من إيران، فإن حكومة الكيان الإسرائيلي تريدها بدافع أكبر، وهذا يسوقني للحديث عن المسألة الثانية في زيارة بومبيو، وإن لم تحظ بشيء من نصيب التصريحات الإعلامية، إلا أن المؤكد طرحه موضوع استخراج الغاز في المياه الإقليمية المحاذية لحدود لبنان الجنوبية المحتلة من إسرائيل، ليس هذا حبا في إرساء سيادة لبنان على أرضه، بل لأن لبنان يريد استثمار حقول الغاز فيها، وتصر إسرائيل على ملكية جزء منها، وهذا لا يشكل عقبة بحد ذاته، فمن السهل على بومبيو الوصول إلى حل لتقسيم الحدود البحرية بين لبنان والكيان الإسرائيلي المحتل، وإنما سبب حرص الأمريكان والإسرائيليين هو الخشية من أن يقتطع حزب الله جزءا كبيرا يقدر بمليارات الدولارات لتمويل نفسه من واردات هذا الاستثمار في النفط والغاز.
أخيرا، مهما تنوعت التحليلات وتغيرت معانيها من منبر إلى آخر ستكون زيارة بومبيو إلى لبنان وقود حرب ناعمة لأيام بين المحاور المتصارعة فيه، وسترتفع سحب الاشتباك السياسي الداخلي فوق واقع الزيارة، وكل فريق سيترجمها وفق أجندته وما تتطلبه مصالحه.
hq22222@