مها عبدالله

نحتاج لشائعات أكثر..

الخميس - 14 مارس 2019

Thu - 14 Mar 2019

وجود الشائعات والأكاذيب ليس بالأمر السلبي، خاصة لمجتمع تعود على استقاء المعلومة دون التأكد منها، بل في ذلك الحين ارتكز الإعلام على أسلوب التلقين في المعلومة للمشاهد ورفض أي محاولة لنقاشها أو إعادة النظر بها، نظريا لا تستطيع تمييز أمر معين إلا بمعرفة نقيضه، وهي ما تسمى نظرية المعرفة في علم الفلسفة، لذا وجود الشائعات يتطلب من المتلقي حضور العقل دائما وعدم الانقياد وراء أي خبر أو معلومة متداولة إلا بعد التحقق منها.

البعض يشتكي من كثرة الشائعات لأن هناك من تضرر منها على صعيده الشخصي، ولكن في نظري هي ظاهرة صحية تجبر الفرد على استحضار التشكيك الذي هو أساس المعرفة، حيث إن نظرية المعرفة مستمدة بالأساس من الشكوك العقلية والفلسفية بشكل خاص، وبها يحاول المتلقي حماية نفسه من الضرر، ومن تضرر من الشائعة هو يستحق ذلك، لأن الأصل أن المسؤولية ليست على مقدم المعلومة بقدر ما أن المتلقي هو المسؤول الأول والأخير عن تصديقها أو تطبيقها، أليس هو من اتخذ قرار التطبيق أو التصديق وبمحض إرادته ولم يجبر على ذلك؟

على صعيد مقدم المعلومة، الشائعات والأكاذيب أجبرت المسؤول على التأكد من المعلومة قبل تقديمها، وخاصة أن الشائعات تصدر غالبا من الأعداء والكارهين، لذا سيخاف المسؤول من إنشاء مياه عكرة قد يصطاد بها الأعداء، أيضا منعت المتخصصين في مجال معين من استغلال ثقة المستمع بتمرير معلومات غير مؤكدة أو توصيات لا ترتكز على دراسات لأغراض تجارية.

الشائعات ظاهرة صحية وتعتبر درسا، ولكن بالطريقة الصعبة، فقد جعلت المتلقي أكثر وعيا ورصانة في تقييم المعلومة، وعلى الجانب المقابل رفعت حس المسؤولية لدى مقدم المعلومة كيلا يفقد ثقة ذلك المتلقي.

عزيزي القارئ كل ما قرأت في الدقيقة الماضية قد تكون معلومات صحيحة أو خاطئة، تذكر أنه لك حرية البحث والتحقق منها أو تقبلها كما هي.