ناصر الهزاني

الأجهزة الذكية.. جاسوس العصر

الاثنين - 04 مارس 2019

Mon - 04 Mar 2019

ساهمت تطبيقات الأجهزة الذكية في توفير الراحة للمستخدمين، حيث أصبحت تشكل جزءا مهما من الحياة اليومية للناس.

لم تعد الأجهزة الذكية ترفا، بل أصبحت ضرورة في حياة البشر، ولم يعد الأغلبية من الناس يستغنون عنها، وباتت الخدمات الذكية التي توفرها التكنولوجيا الرقمية عنصرا أساسيا، فمن خلال تطبيقاتها يمكن فتح أبواب المنزل عن بعد، والتحكم بتعديل جهاز رقابة التدفئة أو التبريد، إضافة إلى معرفة حركة المتواجدين في المنزل في أي وقت طوال اليوم، مرورا بإطفاء الأجهزة الكهربائية في المطبخ والمصابيح والنوافذ، لقد باتت المنازل محمية أكثر من ذي قبل مع التقدم التكنولوجي.

رغم هذا التحول التكنولوجي والتقدم الرقمي الذي ساهم في تسهيل حياة الناس، إلا أنها في المقابل لا تخلو من مشاكل ترتبط بها، من أبرزها أن الأجهزة الذكية والتطبيقات عموما تجمع البيانات ويسهل أن تنتشر على أوسع نطاق أو يتم بيعها لشركات ومؤسسات دون موافقة أو علم من المستخدمين.

كما أن هناك أمرا آخر مهما يبعث على القلق ليس في كم المعلومات وحجمها فقط، ولكن في المعلومات الكبيرة التي تتسرب وتصل لشركات الإعلانات التي تقوم بمراقبة ورصد عادات وأنماط استخدام الأفراد للانترنت، حيث تقتفي أثرهم، سواء من خلال الأجهزة الذكية أو اللوحية الخاصة أو عبر الكمبيوتر الشخصي، حيث تعرف أين يذهب الفرد عادة، ومن أي الأماكن يتسوق، وما هي المواقع الالكترونية التي يزورها أكثر والبرامج التي يستخدمها دائما!

وعلى سبيل المثال فإن موقع فيس بوك، وهو أحد أكثر مواقع التواصل الاجتماعي استخداما وشعبية، خضع لتدقيق وفحص فتبين بعد الكشف حصول شركة التسويق «كامبريدج أناليتيكا» على معلومات لنحو 87 مليون مستخدم، دون علمهم.

لا تعد فيس بوك الشركة الوحيدة في عالم التكنولوجيا التي أساءت استخدام بيانات المستخدمين الذين وثقوا بها، ففي عام 2017 اضطرت شركة «فيزيو» المصنعة لأجهزة التليفزيون الذكي إلى دفع نحو 2.2 مليون دولار بهدف تسوية قضية رفعتها الوكالة الفيدرالية للتجارة في الولايات المتحدة، وذلك لتعمد الشركة بيع أجهزة تلفزيون تحوي برنامجا يسمح بالاطلاع ومعرفة ما يشاهده الأفراد دون علمهم. كما تداولت الشركة تلك البيانات الخاصة بمستخدمي أجهزتها مع شركات أخرى بغرض استثمارها وتصميم إعلانات خاصة لهؤلاء المستخدمين.

ولا ننسى شركة ياهو التي اتهمت عام 2016 باستغلال بيانات مستخدميها لمصلحة إحدى الجهات الأمريكية، حيث خاضت ياهو معركة قضائية طويلة. هذا السجل الطويل من انتهاك خصوصية المستخدمين من قبل شركات عديدة لن يكون الأخير وقد يستمر.

من الضروري في ظل هذا التسارع التقني والتطور التكنولوجي أن تتطور أساليب استخدامنا مع الأجهزة الذكية وتطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي، وأن ننتقي ما يخدم احتياجاتنا، ولا سيما أن معلومات الأفراد أصبحت مطلوبة دائما ولا تقدر بثمن لدى شركات التكنولوجيا الرقمية الكبرى التي باتت تستغلها من خلال بيعها لتحقيق زيادة في إيراداتها بأرقام فلكية.

@nalhazani