أحمد صالح حلبي

من يمنحني خبرة عملية؟

الخميس - 21 فبراير 2019

Thu - 21 Feb 2019

«بعد حصولي على درجة البكالوريوس، كان حلمي الحصول على وظيفة تتناسب ومؤهلي التعليمي، وبناء أسرة صغيرة تكبر مع مرور الأيام، غير أن المطالبة بخبرة عملية حالت دون حصولي على وظيفة، مثلي مثل كثير من الشباب السعودي الحاصلين على درجة الدبلوم أو البكالوريوس أو حتى الماجستير».

تلك كانت ملخصا لرسالة وصلتني من أحد القراء، يشكو فيها حاله وحال كثير من الشباب والفتيات السعوديين، خريجي المعاهد والكليات النظرية والعملية الذين أصبحت أعدادهم في تزايد مستمر، ولم يجدوا الفرص الوظيفية المناسبة لهم، في حين رضخ بعض منهم للواقع ورضي العمل بالوظائف الدنيا وبالمرتب الضعيف، فأصبحنا نرى الحاصلة على الماجستير موظفة استقبال في مستوصف، أو كاشيرة في سوبر ماركت، وفي المقابل يعمل الشاب حارس أمن عند بوابة منشأة، والسبب في ذلك عدم حصولهم على خبرات عملية للوظائف المطروحة، سواء بالقطاع الحكومي أو الخاص، فمن أين يأتي هؤلاء الخريجون بالخبرات العملية إن كانت الفرص الوظيفية لم توفر لهم؟

إن ما يحتاجه شبابنا اليوم ليس ظهور إعلانات هنا وأخرى هناك تتحدث عن توفر وظائف للشباب والفتيات، أو خروج مسؤول حكومي أو رجل أعمال في لقاء إعلامي يتحدث فيه عن سعيه لتوظيف الشباب من الجنسين بوظائف تتناسب ومؤهلاتهم العلمية، دون الحاجة للخبرة، بينما الحقيقة والواقع يؤكدان عكس ذلك تماما.

ما يحتاجه شبابنا ليس كلمات منمقة بصور متعددة لسعادته أو معاليه، فهم بحاجة إلى أن يكون التوظيف مرتبطا باشتراطات تساعدهم على العمل، وإن كان هناك من شروط فيجب تطبيقها على الجميع دون استثناء، لا أن نطالب المعلم السعودي بخبرة عملية للعمل بمدرسة أهلية براتب متدن، ولا نطالب المعلم المستقدم بهذا الشرط.

ثم كيف نطالب خريج الهندسة الكهربائية أو الميكانيكية أو المعمارية، أو حتى الطبيب والصيدلي بضرورة توفر الخبرة العملية لديهم، ونحن لم نسمح لهم حتى بالدخول لمنشأة مرتبطة بتخصصهم للعمل بأي من أقسامها؟

فإن كان شرط الخبرة أمرا لا بد منه، فمن أين يأتي الشاب أو الفتاة به إن كانت أبواب التوظيف مغلقة أمامهم، وإن وجدت الخبرة فهل يجد الشاب السعودي الفرصة متاحة أمامه؟ لا أعتقد ذلك.

أما إن كانت السعودة مرتبطة بتحقيق نسبة السعودة المطلوبة لدى وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، فهي سعودة احتيالية الهدف منها التحايل على النظام، فيتم تعيين السعودي تحت أي مسمى وظيفي، ولا تتاح له فرصة العمل في تخصصه.

فأين هي السعودة الحقيقية التي نتحدث عنها؟

وإن اعتبر البعض أن الشباب السعودي غير مؤهل علميا ولا مهيأ عمليا، لكونه خريج كلية أو جامعة سعودية، فهل نتجاهل الشباب المبتعثين الذين كلفوا الدولة ملايين الريالات، وعادوا بمؤهلات علمية عالية وتخصصات دقيقة، واكتسبوا لغات عدة كالإنجليزية والفرنسية وغيرهما، أيمكن تجاهل هؤلاء أيضا ومطالبتهم بخبرة عملية؟

إن شرط الخبرة كما يصفه المختصون في قطاع الأعمال لم يعد بتلك الأهمية، أمام ما تقدمه التقنية الحديثة من سرعة في الإنجاز، فدخول التقنية في كثير من مفاصل الحياة العملية قلص شرط الخبرة، وجعل التخصص هو الهدف الذي تسعى إليه القطاعات للتعيين، ولكن لا تخصص بات مقبولا ولا خبرة أصبحت مؤهلة للعمل!

فإلى أين يتجه شبابنا وفتياتنا؟