أمة (اقرأ).. الأمر ممدود لقيام الساعة

ما زال خالد دايم القبض على فيصل الكلمة.. يقودها بكل مفرداتها في كل الساحات.. وينثرها وردا في كل المناسبات.. حتى غدا حضوره الشخصي لأي مناسبة.. مناسبة في حدّ ذاتها.

ما زال خالد دايم القبض على فيصل الكلمة.. يقودها بكل مفرداتها في كل الساحات.. وينثرها وردا في كل المناسبات.. حتى غدا حضوره الشخصي لأي مناسبة.. مناسبة في حدّ ذاتها.

الأحد - 15 نوفمبر 2015

Sun - 15 Nov 2015



ما زال خالد دايم القبض على فيصل الكلمة.. يقودها بكل مفرداتها في كل الساحات.. وينثرها وردا في كل المناسبات.. حتى غدا حضوره الشخصي لأي مناسبة.. مناسبة في حدّ ذاتها.

ولقد أسعدني القدر، وأسعفني العمر، بمتابعة هذا الفارس وخيوله تواصل - بفضل الله - الركض خلف الإنجاز عملا.. وخلف الإعجاز أملا، في مجال الفكر والثقافة، ليقتطع لوطنه وأمّته.. بقعة تليق بتواجدها.. فقد كانت يوما تسكن وتقطن وحدها كل القمم.. حتى تمكنت النوازل أن تدفع بها إلى السفوح، وأحيانا ما دون ذلك.. وهي مواقع لا تليق بأمة منحها الله كل الموانع التي إن تحصّنت بها، متّكِلة على ربها.. فحتما ستعود بها إلى المكانة التي أرادها الله لها (كنتم خير أمّة أخرجت للناس..).

والفعل الماضي هنا.. لا يعني التوقف والاكتفاء.. بل هو جاء تحفيزا للاستمرارية والبقاء.

فنحن آخر أمّة خاطبتها السماء.. عبر أشرف المرسلين والأنبياء.. وقرآننا آخر وحي الله إلى الأرض.. وديننا هو الدين الخاتم، دين العزّة والكرامة والمجد. ومن هنا تزداد مسؤوليتنا وتتوثق.. ومن هنا يتحدد دورنا ويتعمق.. وإذا كانت الكلمة في البدء (اقرأ) فإن الأمر ممدود إلى قيام الساعة.. وبدون هذه القراءة.. سنعود سيرتنا الأولى.. أمّة جاهلة راكدة خاملة.. الأمر الذي سحب البساط من تحت أقدامنا.. فسارت عليه من بعدنا أمم من القارئين وعوالم من المتنورين، وقوافل من الباحثين، وجحافل من المفكرين.

وفي الدورة الرابعة والثلاثين لمعرض الشارقة الدولي للكتاب.. قال سمو حاكم الشارقة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي «إننا في حضرة الكتاب، الذي هو نور ضد الجاهلية.. الكتاب الذي هو حق ويقين».

وقد بدأ الشيخ الحاكم.. الحالم بنشر هذا النور.. ودوام هذا الصدق واليقين، مرحّبا بصاحب السمو الملكي مستشار خادم الحرمين الشريفين الأمير خالد الفيصل، أمير مكة المكرمة.. الذي كما قال: نحبه في الله ولله، ونحبه في الثقافة، ثم لأنه أمير مكة المكرمة شرفها الله..

وكنّاه بالنهر والنبع: «هو النهر إن أتيته من كل مورد والنبع منه.. والمجد فيه من جد إلى جد».

وكان الفيصل قد استهل كلمته وهو ضيف الدورة المُكرّم.. بسم الله والحمد لله وبالصلاة على رسول الله وبالسلام على الحضور، ثم مطلقا لفكره العنان.. في حديث (رغم إيجازه) غاية في الدقّة والإتقان.. قائلا: لكل أمر من الله سلطان.. وسلطان الثقافة قاسمي.. ولكل أمل في الحياة بارقة.. وبارقة الأمل شارقة.. شاكرا الشيخ الحاكم المثقف، باسم كل من ترنّم وألف..

باسم الكتاب والديوان والقافية، والأشجان والمعاني الحسان..

مثنيا على كل من رشّح واختار، وفكّر ونظّم وأدار.. وخصّه بهذا الفخار. ووجه الأمير التحية لكل من حرّك الحرف إبداعا، وأضاف لثقافة الإنسان إشعاعا.. وعزف على وتر الكلام إمتاعا.

نعم قارئي العزيز هكذا تحدث الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز، ناثرا بهيَّ إبداعه، وناشرا شجيَّ إيقاعه، مستحوذا نظر الحضور وأسماعه، مؤكدا أن القيادة إذا ارتدت بُردَ الأناقة، مع كل ما تحمل على أكتافها من رتب وأعمال عملاقة، فإنها أقدر على الوصول إلى الغاية، بكل ما اختارته من معانٍ وكلمات بدقة وعناية. وأكد الأمير بلهجة المُعلم.. أن لا حضارة ولا تقدم إلا بالثقافة والفكر والتعلم.. وأضاف، بالعلم ترتقي الأمم، وترتفع البلاد إلى القمم.. وبالمبادئ والشهامة والشيم.

وهي حقيقة أكدتها كل مخرجات الحضارات.. وكل نتائج الأبحاث والدراسات.. حين يقترن التحضّر بالتطور.. وتتمازج الثقافة والفكر.. بالأخلاق والذكر.. وفي هذا تأكيد من سموه صريح.. على دور المبادئ والشيم في صناعة حضارة الأمم.. ولقد تعبت أقلامنا ونحن نروي كيف ساد الإسلام بالأخلاق.. وكيف انتشر.. وكيف عمّ بالمبادئ وانتصر.. ولكننا وللأسف الشديد - وقد بُحّ صوتنا - ما زلنا نرى من يظن الأخلاق ترفا لم يعد له داع.. مهما كتب الكتاب وتحدث الداعي.

وكلما خفّت في موازين الأمم أخلاقنا.. انحدرنا وضاعت آمالنا وأحلامنا.. ورجحت كفة العالم من حولنا.. ولم يعد لنا وزن.. ولم يعد لنا ملاذ وحصن.

وكلنا يعرف أن ما ألمّ بنا هو من صنعنا.. ونحن نحصد ما زرعته فينا الفتن.. وألقتنا في متونها المحن.. فقسموا أمتنا المقسّمة أصلا إلى مزيد من الأقسام.. وقادوا بفعل التناحر إلى مزيد من الانقسام.. حتى غدونا قوميات وعرقيات ومللا وأحزابا وكتلا ما أنزل الله بها من سلطان.

ولم يكن الفيصل في ختام كلمته إلا ليشير إلى هذا.. حين قال:

أيتها القيادات العربية الرشيدة، أطفئوا نار الفتنة الزهيدة، وارفعوا شعلة المعرفة المجيدة.. فالعرب يستحقون الفرصة الجديدة.. عاشت السعودية والإمارات.. رمزا للشعوب والقيادات.

ولم يفرض السجع أو الوزن على الأمير هذه العبارات.. ولكنها الحقيقة المضيئة السعيدة، التي جسدت هذا التلاحم بين البلدين في صورة رائعة فريدة.. صارت نشيدا وأغنية سعيدة.. يتغنى بها الناس في كل الطرقات، وينشدها الناس في كل المناسبات والاحتفالات، ذلك أن التجربة السعودية في الوحدة والتأسيس ونموذج الإمارات العربية الذي تلاها.. ما يزالان - بفضل الله وحمده - التجربتين الأكثر صمودا وبقاء.. في عالم يموج بالفتن والكوارث.. نجح فيه أعداء المحبة والسلام في تقطيع ما كان موصولا.. وتمزيق ما كان أصيلا.. وتفريغ ما كان مؤهلا.. ولهذا ظل الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود - يرحمه الله - وسيبقى رمزا، ليس سعوديا فقط ولكن عربيا وإسلاميا وعالميا، للوحدة الصادقة وللتجربة الناطقة، وسيظل - بحول الله - نخلة في سماء العروبة باسقة.. لها طلع نضيد، ما زال رطبها ثمرا شهيا.. وما زال سُمُوها رائعا بهيا.. وكذلك فعل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان - رحمه الله - حين أرسى على الإمارات السبع قاعدة شامخة.. لوحدة أصيلة عربية.. لتتسع مساحات الظل هنا وهناك.. لتقي الأجيال شمس الفرقة والتناحر.. وبهذا يحق لنا جميعا أن نزهو ونفاخر.

أدام الله آمال المخلصين وحقق للصادقين أحلامهم من أجل غد مشرق وحاضر.