دخيل سليمان المحمدي

الإبل السائبة فاجعة الطريق

السبت - 19 يناير 2019

Sat - 19 Jan 2019

لا تغيب من ذاكرتهم الواقعة الأولى حتى يفجعوا بالتي تليها لتضاف إلى مجلدات قصص الحقيقة التي لا يكاد يمر شهر إلا ونسمع بها، وبالتفاصيل نفسها مع اختلاف اسم الضحية. تلك القصص المخيفة التي أدى إلى استمرارها صمت الجهات المسؤولة عن تطبيق العقوبات، حيث اللا مبالاة من أصحاب تلك الإبل السائبة التي أخذت من طريق ضبوعة (40 كلم غرب المدينة) ميدانا للانتحار الجماعي، والتي تحولت إلى رعب وهاجس خطر حقيقي يتربص بجميع مرتادي الطريق، وأصبحت سببا مباشرا في إزهاق أرواحهم أو إعاقاتهم.

وزارة الداخلية أصدرت مسبقا تعليمات وتنبيهات لملاك الإبل بمراقبتها وعدم الاقتراب بها من الطرق، إلا أن العقوبات التي تقضي بحجز الإبل وتغريم مالكها في المرة الأولى، وسجنه حال تكرار المخالفة لم تطبق بالشكل الفعلي، بل جميعها قرارات ظلت حبيسة الأدراج المغلقة والظلام الدامس، ولم تر النور، مما أدى إلى زيادة الحوادث، ومع الأسف الشديد لم نسمع عن عقوبة تم تطبيقها بحق أحد من أصحاب هذه الإبل السائبة أو حجزها على الرغم من تخصيص جميع البلديات أحواشا لحجزها، ولم نسمع أيضا بتفعيل القرار الذي يقضي بإلزام صاحب الإبل بوضع الأحزمة العاكسة الخاصة، وهي عواكس منشورية ينعكس عليها الضوء ليلا لرؤيتها، كذلك لم نسمع بتحميل الرعاة وأصحاب الإبل المسؤولية لعدم اهتمامهم بإبعادها عن الطرق، خاصة في الليل الذي يصعب معه على أصحاب المركبات رؤيتها مهما بلغت السرعة.

الجميع يعلم بالمادة التي تنص على «كل من أتلف نفس إنسان - كلا أو بعضا - في حادث سير متعديا أو مفرطا يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على سنة واحدة، وبغرامة ماليه لا تزيد على عشرة آلاف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، دون إخلال بما يتقرر للحق الخاص»، حيث يعتبر مالك الإبل السائبة مفرطا. ولا ننسى ما يقوم به بعض أصحاب الإبل السائبة بعد وقوع الحوادث التي يكون طرفها جملا سائبا يملكونه، وذلك بإزالة العلامة المتعارف عليها في تحديد المالك للجمل (الوسم)، خاصة في حالة الوفيات، تهربا من الإنسانية حتى لا يتم التعرف عليهم والوصول لهم وتحميلهم الديات الشرعية، ولهذا يجب على مقرر الحادث التصوير والتعرف على العلامة إذا كانت موجودة قبل مغادرة موقع الحادث.

لا بد أن تقوم قوات أمن الطرق بدورها في حجز هذه الإبل، وفرض عقوبات صارمة على أصحابها، وذلك باعتبارها قطاع طريق تهدد المارة بالموت.

أخيرا، أعلم بأن هذا الموضوع المؤرق قد أشبع كتابة ومناشدة، حيث تحدثت مع كثيرين من أجل إيصال الصوت إلى المسؤول، ولا أسمع منهم إلا البيتين المعروفين:

لقد أسمعت إذ ناديت حيا

ولكن لا حياة لمن تنادي

ولو نار نفخت بها أضاءت

ولكن أنت تنفخ في الرماد

ومن هذا المنبر أقول: بإذن الله تعالى سأنادي ضمن المنادين، وسيصل الصوت بحول الله وقوته، وسيجد آذانا صاغية وضمائر حية وقلوبا صادقه تضيء طريق الحق.