حسن علي القحطاني

رهف.. ومصير الهاربين

السبت - 19 يناير 2019

Sat - 19 Jan 2019

كلنا تابعنا قصة الهاربة (رهف)، ومن خلال متابعة قصتها توقفت عند نقاط عدة جديرة بأن أشارككم إياها. من المتفق عليه أنها تمثل حالة فردية قياسا على أن أبناءنا وبناتنا بعشرات الآلاف في الخارج ما بين مبتعث للدراسة أو للتجارة أو حتى للسياحة، ومنهم نماذج مشرفة نفتخر بها.

كما نتفق على أن حقوق المرأة في مجتمعنا ولله الحمد يضمنها الدين والنظام المنبثق منه، ويترتب على هذه الحقوق المكفولة واجبات مسلم بها، وأي تقصير في أحدهما يعني قصورا فرديا تعالجه برامج الوعي والإرشاد المجتمعي عبر قنواته المتعددة، وليكن حديث نبينا «خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي» منهجا عمليا وتربويا في الموازنة بينهما.

الحرية في مفهومها العام تصبح مقبولة ضمن مقاييس ثابتة تتجاوز الزمان والمكان، ولا تعبث بها أمواج الحياة المتقلبة وأذواق الناس المتضاربة وأزياؤهم المتبدلة، وهي تمثل ما هو مشترك بين الأفراد والأمم في جميع العصور والأمكنة، وفيها حاجات أساسية كالحاجة إلى الإفصاح عما ينتاب الإنسان من عوامل نفسية وانفعالات وتأثيرات مختلفة، والحاجة إلى الحقيقة قولا وفعلا، وغيرهما من الحاجات الإنسانية التي تجعل ممارسة الحرية مضبوطة ضمن قانون إنساني سام. أما أن تكون الحرية بالهروب من الوطن، وتمزيق الروابط الاجتماعية، وجحود فضل الأسرة، وكشف العورة، وأكل لحم الخنزير، والرضا بأن يكون المرء أداة في يد الأعداء، فهذه عبودية مقيتة لا يقبلها عقل سليم.

سلوك (رهف) الفتاه المراهقة كان نتيجة لمشروع قديم وممنهج سوق له من يدعي حمل قناديل الفكر النسوي المتحرر من النسويين والنسويات، ممن لا يبحثون عن حرية المرأة، بل حرية الوصول إليها. وكان من أهم وسائلهم استغلال بعض منصات وسائل التواصل الاجتماعية أو بعض الهيئات والقنوات التي تبث سمومهم. هذا المشروع فشل كثيرا ولكن نجح مع (رهف)، فكان هذا التضخيم الذي أشعرنا بضرورة توعية أبنائنا وبناتنا لخطورته على عقيدتنا ومبادئنا وسلامة تفكيرنا.

الهاربة (رهف) كشفت استمرار دول معادية في تحريض الهاربين والهاربات بهدف استغلالهم في قضايا سياسية وحقوقية لتشويه صورة المملكة والهجوم على قوانينها، والمطالبة بتعديلها رغم عدالتها وصواب أحكامها.

ومن البدهي أن هناك أمرا آخر غير تشدق الكنديين بالحرية مع الهاربة التي منحت حق اللجوء السياسي خلال يوم واحد فقط، رغم أن عدد طلبات اللجوء لكندا عام 2018 بلغ نحو 51 ألف طلب من مختلف الجنسيات، بحسب مواقع رسمية كندية، ولم يتم البت في قبولها حتى الآن، لأن قائمة الانتظار لهذا النوع من الطلبات من عام 2011 تجاوزت 200 ألف طلب. ولكن ما إن وصلت (رهف) حتى كانت وزيرة الخارجية الكندية كريستينا أليكساندرا في استقبالها مع كاميرات التلفاز وفلاشات الصحف.

كندا تذكرني بمن أخرج الحصان للحرث والبقرة للسباق فخسر النتيجة والمحصول. هذه هي النتيجة النهائية للموقف الكندي الذي جعل الشعب السعودي يزداد خصومة مع النظام هناك، ويرى أن سلوك رئيس وزرائه يعبر عن كندا والكنديين، ويجعلنا نشكر الموقف الصارم الذي تعاملت به حكومتنا في قضية الخونة من عملاء السفارات.

أخيرا، رهف ستصحو متأخرة مع الأسف، فما إن تنته صلاحيتها في وسائل الإعلام، ويتحقق ما تم توظيفها له، ستجد نفسها في سكن متواضع، وغرفة مشتركة، والمال المصروف لها لا يكفي غسل ملابسها، ويطلب منها العمل لكسب قوتها حتى لو كان بطرق لا تليق بفتاة، حالها حال من سبقها ممن خلعوا ثياب أوطانهم.

hq22222@