عبدالحليم البراك

المثل الإنجليزي والسعوديون!

الاثنين - 31 ديسمبر 2018

Mon - 31 Dec 2018

أي مثل غريب لم تسمع به دائما يجير وينسب لشعوب أخرى، مما يصعب تتبع مصداقية هذا المثل، فكما أن أي حكمة هذه الأيام تنسب للدكتور الراحل غازي القصيبي حتى لو لم يقلها، كل مثل لا تعرف مصدره يمكن أن تنسبه إلى الأمثال الصينية أو الإنجليزية، أو اليابانية، وأنا الآن أمارس العادة العربية الأصيلة نفسها، فهناك مثل إنجليزي يقول: الحكيم الذي يفسر الحدث ويتنبأ به قبل وقوعه ولا يفسره بعد وقوعه. وهذا ما يحدث عند بعض السعوديين، وإليكم بعض الأمثلة الحية!

أبرز تلك الأحداث في التحليل الرياضي الفني أو التحكيمي، ولعلي أطرح مثالين اثنين قبل أن أنتقل للاقتصاد:

- المحلل الشهير خالد الشنيف له تحليلان، تحليل قبل المباراة وهو تحليل دقيق جدا ويعتمد على مصطلحات رياضية عميقة يحسد عليها، فهو يؤكد فوز الفريق الأول على الثاني وفق معطيات فنية دقيقة، لكن بعد أن يلعب الفريقان الشوط الأول أو الشوطين كليهما، فإن كل تحليلاته ومصطلحاته تتغير بتغير النتيجة، ولا تعرف كيف عاد وصاغ التحليل مرة أخرى بشكل مختلف وكأنه يملك مرونة لفظية فنية غريبة، ليقلب الطاولة - تحليلا - على الفريق الأول ويصبح الأسوأ بعد أن كان قبل المباراة هو الأخطر والأفضل!

وكان الأجدر به أن يتبع المثل الإنجليزي بأن يكون حكيما قبل الحدث، وبنفس الحكمة بعد الحدث!

- الحكم الدولي والمحلل التحكيمي محمد فودة يخترع مصطلحات لا نعرفها، مثل قصد إيذاء الخصم الذي يستخدمه متى ما أراد ليبرر طرد لاعب، وهو نفسه ينفي هذه التهمة إذا ما أراد أن يبرئ لاعبا آخر. وحتى لا أتجنى عليه نشر الإعلامي طارق الحربي في برنامجه (نشرة الـ..) المعروض في قناة روتانا مقطعا لفودة وهو يحتسب تسللا على لاعب يكسر التسلل بأكثر من 7 لاعبين من الخصم، وبرر الحربي رأيه بأن «الفودة ناوي يحسبها تسلل بأي طريقة» وأردف بأنه - يقصد الفودة - لن يدخل في نواياه!

أما الاقتصادي الشهير الذي قال بالحرف الواحد قبل سنتين «لا تشتروا أي أرض الآن فإن الأسعار سوف تهبط للنصف»، قالها وهو يتنبأ بالمستقبل الذي لا يعرفه، ولم نشهد أي هبوط حقيقي في الأسعار، وكل ما هبط علينا هو تحليله الذي لم يصدق قط.

أما على مستوى الأحوال الجوية، فلا يصدق أحدهم إلا بعد وقوع الحالة الجوية، وحتى تكاد تجزم - أحيانا - أنه لم يصدق أحد في تفسير حالة جوية دقيقة إلا صدفة، ولذلك إن صدق مرة كذب بعدها عشر مرات.

أما على مستوى تحليل الظواهر الاجتماعية، فقد أثبتت حركة المجتمع أن علماء الاجتماع لدينا في (وادي) الأكاديميات بعيدا عن (شعيب) الواقع، فلا هو نجح في تفسير الحاضر ولا هو القادر على استشراف المستقبل، سوى تحليلات ضعيفة رقيقة.

أخيرا، الحكيم هو الذي يقول لك ماذا سيحدث في المستقبل وفق معطيات وليس توقعات، أما الذي يفسر لك الواقع بعد حدوثه فهو حكيم لكنه حكيم تايواني وليس أصليا!

Halemalbaarrak@