ياسر عمر سندي

بين المزاجية والاحتياج للرومانسية

الأربعاء - 26 ديسمبر 2018

Wed - 26 Dec 2018

من المحطات التي لها تأثيرات جانبية واضحة على المرأة وترفع من درجة تعكير صفوها ومزاجيتها هي مرحلة الحمل، فتجعلها سعيدة وإيجابية تارة وعكس ذلك تارة أخرى، وأيضا عدد مرات الحمل وطبيعته لهما دور في ذلك، فالحمل للمرة الأولى يختلف عن الثانية، والحمل الطبيعي أو غير الطبيعي له دور، والحمل بتوأم غير المفرد، فكل تلك العوامل تؤدي إلى تغييرات جسدية ونفسية تعمل على اضطرابها وهدوئها وانفعالها وسكونها، فكل ما سبق من تقلبات تطرأ عليها تحتاج معها إلى ما يسمى «الاحتواء العاطفي» من الشريك، فالحمل حالة فسيولوجية وسيكولوجية تجعل المرأة في وضع غليان وجداني وعاطفي متضارب يجبرها على الدخول في صراعات داخلية وخارجية، ويعتمد ذلك على نمط شخصيتها، هل هو انفعالي أم هادئ، ودرجة فورانها وهيجانها السلوكي مرتفعة أم منخفضة، والتغييرات الجسدية المصاحبة للهرمونات من زيادة الوزن وتبدل لملامح الوجه وصعوبة في المشي والنوم والتنفس أيضا، وفي كل مرحلة من مراحل الحمل، خاصة الأخيرة لقرب الولادة تعتري المرأة أوهام ووساوس على حالة جنينها وحالتها الصحية، وما قد يترتب على ذلك من احتمالية حدوث سكر الحمل والإصابة بضغط الدم، قال تعالى في محكم تنزيله «حملته أمه كرها ووضعته كرها»، الأحقاف 15.

وكما أسلفت فلكل مرحلة من مراحل الحمل طبيعتها وخصائها ورونقها أيضا، ومعها يحتاج الشريك إلى التنمية المعرفية القصوى بكيفية التعامل مع الشريكة، فأول الحمل أي الشهران الأول والثاني تبدأ علامات ظهور موجة عاطفية وانفعالية مفاجئة، وأحيانا تصاب المرأة بما يسمى «التذبذب العاطفي» واختلاط المشاعر، نتيجة بدء تخلق الجنين داخل الرحم، حيث تحتاج المرأة أكثر في هذه المرحلة إلى شريكها ووقوفه إلى جانبها، وتحتاج إلى مشاعره الجياشة ليحتويها ويشعرها بالأمان والاستقرار. ومن المفارقات أن تعتري المرأة الحامل حالة من استقرار المزاج والهدوء وأحيانا الشعور بالسعادة بعد اطمئنانها أكثر على حالة جنينها، وتكون عادة في الشهر الثالث إلى الخامس، وفي هذه الآونة تزداد نضارة المرأة وإشراقها ورغبتها الشديدة بوجود شريك حياتها إلى جانبها دوما، وأسمي هذه المرحلة بـ «الوهج المشاعري» بين الزوجين، وعلى الشريك أن يكون أكثر فطنة وذكاء لغمر شريكة حياته بالحب وبالكلمات الرومانسية المتوقدة، بالتحدث عن جمالها ونضارتها ويزيد من أساليب الغزل ويشعرها بمشاركته إياها دوما بتلمس بطنها بكل لطف بين الفينة والأخرى، ومحاولة محادثة الجنين وقراءة القرآن له، وكذلك الوقوف معها قلبا وقالبا ومتابعة سلوك الاحتضان معها دوما لما ينعكس عليها وعلى جنينها من السعادة والسكون، لتتقبل المرحلة المقبلة بكل هدوء، لتأتي بعد ذلك مرحلة الاستعداد الفعلي لما بعد الولادة، والتي تستشعر فيه الحامل أنها أم وطفلها بين يديها، وتكون من الشهر السادس تقريبا إلى السابع، حيث تزداد فيها التخيلات وأحلام اليقظة عن مستقبل وليدها وتربيته، ويستلزم ذلك أيضا وجود الداعم الرئيس والشريك الفعلي وهو الزوج للوقوف معها ومشاركتها كيفية رسم الخطة لدخول المستشفى وما بعد الولادة، وما الملابس المختارة للطفل، ويخفف عنها في واجبات المنزل والطلبات، بل ويعمل على راحة زوجته وإرضائها استعدادا للمرحلة الأخيرة.

ومن الشهر الثامن إلى الولادة يستلزم أيضا التدخل الأسري والمجتمعي من قبل الأم والأقارب ومن حولها أحيانا لمساعدة الشريك في دعم زوجته لتخطي هذه المرحلة الحساسة، والتي تستشعر فيها بتقلبات مزاجية كالقلق وفقدان الشهية وعدم التوازن والشعور بالغثيان، والانعزال والبكاء، فدور الشريك مهم في هذه المرحلة أيضا لمساعدة زوجته على عبور هذه المحنة، والوقوف مع شريكة حياته، فالزوجة تحتاج دوما في حياتها، خاصة في مراحل حملها سالفة الذكر إلى الشريك الواعي بمعرفته الرومانسية الراقية وتعاطيه الحنون حتى يشاهدا نتيجة حبهما بين يديهما. قال عليه الصلاة والسلام وهو سيد الرومانسية ومعلم اللباقة والإتيكيت الأول في حياته مع زوجاته «استوصوا بالنساء خيرا»، و»رفقا بالقوارير»، فالرومانسية احتواء للمزاجية وأساس للحياة الزوجية.

@Yos123Omar