عبدالغني القش

رضوى وجبالنا.. وهيئة سياحتنا!

الجمعة - 21 ديسمبر 2018

Fri - 21 Dec 2018

أعلنت الميزانية العامة للدولة الثلاثاء الماضي، ولعلها فرصة مواتية لتهنئة القيادة والشعب على حد سواء بهذا التميز والإنجاز غير المسبوق؛ لأدلف إلى موضوع اليوم عن جبالنا التي تمثل ثروة وطنية ومآثر نبوية ومواقع تاريخية، وفي الوقت نفسه هي رافد اقتصادي له قيمته التنموية، ويمكن الاعتماد عليه كمرفق سياحي يشكل دخلا إضافيا، والمفترض العناية بها، ورعايتها، ومنحها الاهتمام والعناية للوصول بها إلى المبتغى.

جبالنا تمثل مآثر نبوية هي أمنية القادمين لهذه البلاد، والمطلوب تهيئتها للزيارة، والتاريخية منها يفترض استغلالها لتكون منائر سياحية ومعالم حضارية، وبلادنا تزخر بالعديد منها، وقد تداول مستخدمو برامج التواصل الاجتماعي مقاطع وصورا لبعض الجبال بعد الأمطار الأخيرة، كانت محل الإدهاش ومثار التعجب، فقد كانت المقاطع رائعة والمناظر خلابة. ومن ذلك جبل رضوى الذي يقع في محافظة ينبع، ويبلغ ارتفاعه نحو 2300 متر. ويتميز بارتفاعه الشاهق وجماله الأخاذ وشهرته على مر التاريخ، إذ يمكن من خلاله رؤية مدينة ينبع كاملة.

وكتبت فيه قصائد عديدة، منها لحسان رضي الله عنه، والمتنبي، وكثير عزة، وأبي العلاء المعري وفؤاد شاكر «تحية رضوى». وبلغت شهرته الآفاق، فالعرب تقول: أبلغ من سحبان وائل، وأخطب من قس بن ساعدة، وأكرم من حاتم طيء، وأثقل من رضوى، ويمكن استثماره سياحيا، فقطره يتجاوز 27 كلم، ولذا فقد كتب عنه المؤرخون كخير الدين الزركلي وغيره، ولعل من آخرهم المؤرخ الدكتور تنيضب الفايدي في كتابه المطبوع مؤخرا «ينبع.. التاريخ الأدب الحضارة» والذي نال إثره جائزة وزارة الثقافة.

ومن أسف ألا يحظى مثل هذا الجبل الشامخ بعناية ورعاية هيئة السياحة والتراث الوطني التي أتحفظ كثيرا - كغيري - على أدائها البطيء، فبعد كل هذه السنوات لا نرى نتاجا يحقق الطموحات ويفي بالتطلعات، فمثل هذا الجبل يفترض أن يكون ضمن اهتماماتها، ومن أسف أني أجريت اتصالا بأحد المسؤولين عن السياحة في المدينة المنورة لأسأله عما في جعبتهم عن هذا الجبل، فكان رده عجيبا، حيث طلب أن أرسل له استفسارا بشكل رسمي (مع بالغ الأسف) في تقليدية مقيتة وتعامل بائس، وأظن أنه ليس لديه شيء عنه، ولذا كان رده تقليديا صادما!

وقد بثت إحدى القنوات الفضائية مقطعا لرحالة فأبدت تعجبها من وضع هذا الجبل، والتقت أحد المشايخ تسكن قبيلته بجواره، فكان كلامه مؤلما، ووجه رسالة للقائمين على السياحة ومناشدة للعناية به، فما يجده الجبل من إهمال أمر يحز في النفس، إذ لم يشفع له تاريخه وموقعه ومساحته الكبيرة، كل تلك المقومات يمكن أن تجعل منه مقصدا للسياح.

والمتأمل يجد في مواقع مماثلة استغلالا لكل جزء في مثل هذه الجبال، فيضعون المناظير التي يمكن من خلالها رؤية ما يحيط بالجبل، مع إنشاء المقاهي والمطاعم في أعلى الجبل، وهم بذلك ينشدون برودة الأجواء من خلال الارتفاع الشاهق، ونقاء الهواء، والبعد عن الضوضاء.

ومن ناحية أخرى يجب على وزارة البيئة والمياه والزراعة تشجيع السكان المحيطين بالجبل على زراعة النوادر لديهم كالهيل وغيره ومن ثم تسويقها بطرق حضارية لتتنامى مثل هذه المزروعات لدينا ونكتفي بها.

والرسالة أوجهها أيضا لجميع الجهات المعنية كالكهرباء والبلديات والنقل، ليتكاتف الجميع ويولوا هذا الموقع العناية المستحقة والاهتمام المفترض.

وسينعكس ذلك إيجابا على التنمية على محيطه وعلى النماء في بلادنا، ويحقق عائدا يمكن أن يكون رافدا من روافد اقتصادنا وينعكس على ميزانيتنا.

المؤمل أن يكون هذا الموقع متنزها وطنيا فهو يملك الإمكانات، ولا ينتظر إلا تحركا من قبل هيئة السياحة والتراث الوطني ليطرح على مستثمرين، بعد تهيئة الطرق المؤدية إليه، وعندها سيكون - في تصوري - مقصدا للأهالي وللزوار، وكل من ينشد العودة للماضي العريق، ويرغب في رؤية مثل هذه المواقع ذات الجذور الضاربة في التاريخ، فهل تتحرك الهيئة وتعتني بهذا الجبل وغيره من الجبال والمواقع النبوية والتراثية التاريخية؟!