أحمد الهلالي

حرية الرأي أهم روافد التنمية!

الثلاثاء - 23 أكتوبر 2018

Tue - 23 Oct 2018

لا يختلف اثنان على قوة التلاحم بين الشعب السعودي وقيادته، ومستقرئ التاريخ لن يجد عناء في ملامسة هذه الحقيقة الناصعة، فكل الأحداث التي مرت على هذه البلاد لم تنل من هذه اللحمة، ولم تؤثر فيها، وستظل بإذن الله مضرب مثل لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.

سيتحدث بعضهم عن معارضين وعن خوارج، وعن انتماءات حزبية وسياسية عند فئات قليلة جدا من الشعب، ولا جدال في ذلك، فنحن جميعا نعلم أننا كنا نحلق في فضاءات الأممية، ونحشد لها حشدا منقطع النظير على صعدنا الثقافية والتعليمية، بل حتى السياسية، وجل أدبياتنا تدور في هذا الفلك، يغذيها خطاب دعوي يمجد بحمد الخلافة ويهلل لها صباح مساء، ولا غرابة أن ذلك الخطاب خلق أرضا خصبة في نفوس بعض أبنائنا ليستجيب لدعوات مشبوهة تحلق في ذات الفضاء الأممي.

أما المعارضون السياسيون فلهم خلفيات أخرى، بعضها يتقاطع مع هذا، وبعضها الآخر له محركات مختلفة، فبعضهم هرب لجناية وبعضهم من أجل المال وبعضهم من أجل المنصب وغيرها من المسببات، وهم على كل حال نفر قليل جدا، وهذا العدد لا يؤثر في لحمة شعبنا وقيادته، فـ (سعد الفقيه) مثلا، يحاول شق لحمتنا الوطنية منذ أكثر من عشرين عاما، فصنع قنوات فضائية وحسابات وهمية وحاول بكل أنواع الخطاب أن يستميل أحدا، لكن ظل صوته مبتورا عن الصدى، يغور في أوحال اليأس والخيبات، وسيظل.

ما حدث للمواطن جمال خاشقجي ـ رحمه الله ـ كان بشعا كما عبر وزير الخارجية السعودي، ولم تتهاون الدولة بقيادة خادم الحرمين الشريفين ـ أيده الله ـ بعد اكتمال التحقيقات في إدانة الجرم وفاعليه والكشف عنهم للعالم دون النظر لأي اعتبارات أخرى، فلم تحم المناصب الرفيعة شاغليها حين تجاوزوا، حتى طالت الأوامر إعادة النظر وهيكلة جهاز الاستخبارات العامة بأكمله، وكل هذا يحسب لدولتنا العادلة، ولا غرابة ولا مزايدة.

الهجمة الشرسة التي طالت بلادنا من أعداء، وأصدقاء ترغمهم ظروفهم السياسية أو مصالحهم الحزبية، لا يجب أن نأخذها في باب الهجمة (الجائرة) على إطلاقها، بل لها وجه آخر يجب أن نستفيد منه، ونوظفه في مراجعة كثير من الأمور، لعل أولها قضية (حرية الرأي والتعبير)، فهذه المسألة أراها من أهم المسائل التي يجب أن نعتني بها؛ لأننا بمسيس الحاجة إلى (حرية الرأي) في هذه المرحلة التحولية تحديدا، فإن لم نتحرك بأدوات إعلامية جريئة وشفافة في تناول قضايا التحديث والتحول فلن نصل إلى المأمول.

وفي هذا السياق تتداول مقولة عن وجود (أوامر دائمة لدى بعض الجهات)، وهذه النقطة تحديدا قادتني إلى التفكير في كم الأوامر الدائمة القديمة الموجودة لدى كثير من الأجهزة والمؤسسات، خاصة ما يتعلق بقضية حرية الرأي والتعبير، فلا نعلم من يحدد سقفها للمؤسسات، ولو أخذنا الصحف الوطنية مثالا على ذلك، سنجد سقف حرية الرأي يختلف من صحيفة إلى أخرى، وقس على ذلك عند الأجهزة الأمنية والرقابية، وقمين بهذا الأمر أن تطاله يد التحديث، وأن يتداول على طاولة مجلس الشورى.

من جهة أخرى، حين يخرج المعارضون إلى الخارج، فهم يصنعون من ذواتهم قادة رأي، ليس لأنهم كذلك فعلا، وليس لأنهم يحتمون بالآخر، بل لأنهم يطرحون قضايا لا يجرؤ مفكرو الداخل على طرحها، وإن تجرؤوا فلن تتجرأ وسائل الإعلام على نقل أطروحاتهم، لذلك وجد المعارضون ضالتهم في العزف على هذا الوتر، فأوهموا بعض الناس بنضالهم، فاستقطبوا المتابعات والاهتمام من الداخل والخارج، وهم حقيقة يجنون هذا؛ لأننا نتجاهل قيمة (حرية الرأي والتعبير) فلن أذكركم أن أهم قضية ترتكز عليها رؤية 2030 كانت (الشفافية) التي كررها ولي العهد في جل خطاباته الإعلامية الشهيرة، والشفافية تعني (عرض الرأي بحرية ووضوح، ونقد الأخطاء نقدا هادفا لتقويمها).

نحن أولى من المعارضين، ومن وسائل الإعلام الأجنبية بطرح قضايانا بحرية وشفافية، ويظل القرار بيد صانعه ومؤسساته، ولهذا إيجابياته الكبرى على التنمية، وتعزيز قيم المواطنة والمسؤولية، والقضاء على الفساد والمفسدين، وتحسين أداء الأجهزة، وفيه مصلحة عظمى حين نسحب البساط من تحت أقدام الآخر المتربص بنا، وقطع الطريق على كل من يحاول النيل من وطننا، أدام الله عزه.

ahmad_helali@