عبدالله آل عطية

البحث العلمي في الجامعات السعودية والوظائف الجديدة

الاثنين - 08 أكتوبر 2018

Mon - 08 Oct 2018

في القرن الـ 21 بدأت تتغير خارطة المهن عن ذي قبل على مستوى العالم، وذلك نتيجة للتغيرات التي اجتاحت العالم في شتى الأصعدة الاجتماعية الاقتصادية والسياسية، ودخول منتجات وخدمات العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات كمؤثر قوي في هذه التغيرات نشأ عنه اختفاء كثير من المسارات المهنية وظهور مسارات مهنية جديدة، فضلا عن تزايد الطلب العالمي على القوى العاملة المؤهلة في مجالات العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات.

وفي هذا السياق تهدف رؤية المملكة العربية السعودية 2030 إلى توفير القوى العاملة المؤهلة، وإيجاد الفرص الوظيفية النوعية التي تستوعب هذه القوى العاملة، مما سينعكس على تحقيق أهداف التنمية في المملكة.

وحيث إن البحث العلمي يشكل رافدا مهما يعول عليه الإسهام في تحقيق هذه الرؤية من خلال بناء وتشكيل الاقتصاد المعرفي للمملكة، والذي من حسناته إيجاد العديد من الفرص الوظيفية للسعوديين، وتوفير موارد اقتصادية جديدة، علاوة على تعزيز المكانة القوية للمملكة بين الدول. ويأتي هنا دور الجامعات السعودية في تطوير منظومة البحث العلمي في المملكة من خلال تبني أهداف البحث والتطوير كاستثمارات مخططة تقوم بها الجامعات تتمثل مخرجاتها في إيجاد معارف وابتكارات جديدة قابلة للإنتاج والاستثمار الاقتصادي، وهذا بدوره أيضا يستلزم تهيئة الشركات المحلية ورؤوس الأموال لاستيعاب هذه المعارف الجديدة والاستفادة منها وتسليعها كمنتجات وخدمات.

وبمراجعة الطرح السائد الذي يتناول قضايا دور الجامعات في إيجاد الفرص الوظيفية للسعوديين نجده يركز على الدور التعليمي للجامعات في تأهيل القوى العاملة لسوق العمل، في حين يغفل الدور البحثي لهذه الجامعات، والذي أزعم أن كثيرا من المهتمين لا زال الدور البحثي للجامعات غائبا عن وعيهم، أو لم يعيروه حقه من الاهتمام.

إن قضية البحث العلمي تعد محورية ومهمة جدا في إيجاد فرص وظيفية مستقبلية بشكل غير مباشر، ويتلخص ذلك في زيادة اهتمام الجامعات بدورها ووظيفتها البحثية، وتعزيز برامجها البحثية، ودعم نمو النشاط البحثي في المملكة، والسعي لإنجاحه من خلال تشكيل الاقتصاد المعرفي للمملكة.

ولعلي أعرض هنا لأربعة عوامل رئيسة أتوقع تأثيرها في إنجاح مهمة البحث العلمي لجامعاتنا، أولها وجود خطة استراتيجية للبحث العلمي في كل جامعة من جامعاتنا تنطلق من رؤية المملكة 2030، وتهدف إلى إيجاد وتطوير برامج بحثية يمكن أن تقوم عليها صناعات وتقنيات وخدمات حقيقية، والعناية بوضع أساليب عملية لتنفيذها وتقويم نتائجها والتحقق من نجاحها، وثاني هذه العوامل المؤثرة في نجاح المهمة البحثية للجامعات إيجاد موارد مالية لتمويل البرامج البحثية، ولا شك في أن قضية تمويل البحث العلمي تعد تحديا كبيرا لدى الدول لأسباب عدة، أهمها الخوف من الفشل، وصعوبة توقع العوائد الحقيقية لهذه البرامج، مما يعوق الاستثمار في مثل هذه المشاريع، لكن على الجامعات البحث عن هذه الموارد وجذبها، والاستفادة من مبادرة مكتب البحث والتطوير التابع لوزارة التعليم في دعم برامج البحث العلمي، وكذلك السعي في جذب استثمارات من الجهات الخاصة لتمويل المشاريع البحثية.

والعامل الثالث

المؤثر في نجاح مهمة البحث العلمي للجامعات العناية بتطوير القدرات البحثية وتأهيل الباحثين، واستقطاب الكفاءات من أجل العمل في المشاريع البحثية، ورابعا تفعيل دور الشراكة مع القطاع الخاص وبناء علاقات جيدة من أجل التعريف بهذا النوع الجديد من الاستثمار، وجذب رؤوس الأموال القادرة على تبني منتجات البحث العلمي وتحويلها إلى سلع اقتصادية صناعية أو تقنية أو خدمية.

وفي سياق هذا المقترح لتطوير برامج البحث العلمي في الجامعات السعودية يؤمل أن تتبنى الجامعات مفاهيم عدة مهمة في برامجها وأنشطتها البحثية، تستوعب الأبعاد الثقافية والاجتماعية والسياسية للمملكة، وترتبط بمفاهيم الابتكار، والاستدامة للموارد البيئية.

وفي الختام تجدر الإشارة إلى أن العناية بقطاع البحث العلمي والتطوير سيسهم بإذن الله في تحقيق رؤية المملكة 2030، وسيكون نواة للاقتصاد المعرفي للمملكة، وهذا الدعم لن يكون محصورا فقط على توفير الفرص الوظيفية للشباب السعودي التي ركز عليها المقال، بل سيزيد من النمو الاقتصادي المحلي، وسيسهم في تعزيز دور المملكة الاقتصادي على المستوى العالمي.