حسن علي القحطاني

رؤية مؤسس ورسالة أديب

السبت - 22 سبتمبر 2018

Sat - 22 Sep 2018

«نحن نبني يا حضرة الأستاذ كما كانت تبني أوائلنا. ولكن نفعل فوق ما فعلوا».

هكذا قالها مؤسس المملكة عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل رحمه الله، وهو سلطان نجد آنذاك، ردا على الأديب والمؤرخ أمين الريحاني عندما قرأ بيتا من الشعر الفصيح كان مكتوبا على باب القصر في الرياض، يقول:

نبني كما كانت أوائلنا

تبني ونفعل (مثل) ما فعلوا

فثارت عروبة الريحاني بكلمات فيها خوف من تطبيق الماضي بحذافيره، فقاطعه المؤسس بالجملة السابقة ليوضح له سمو الرؤية والرسالة التي يحملها، فهدأ روعه وأعاد الريحاني قراءته وطلب إصلاحه ليكون:

نبني كما كانت أوائلنا

تبني ونفعل (فوق) ما فعلوا وهكذا قال وفعل رحمه الله، فوحد هذا الوطن الغالي تحت العلم الأخضر الخفاق، المضيء بأروع عبارتين ينطقهما مخلوق (لا إله إلا الله، محمد رسول الله)، وهكذا أدرك الريحاني بعد أن زار كل ملوك العرب - آنذاك - الحماس الحقيقي لدى المؤسس لاستعادة مجد أجداده في وطن موحد بكل ما له من مكتسبات تاريخية سابقة وطموحات مستقبلية مشرقة، رغم كل المخاطر التي كانت تحيط ببلاده.

التي كانت تحيط ببلاده.

في ذلك الوقت ابتلي العرب بظهور (حكام)، منهم من قفز من ظهر الدبابة إلى ظهر الكرسي، أو أتى من الخارج للعمل من أجل الخارج، فيهم من حمل شعارات الحزبية أو الفئوية، ومنهم من كان يتحدث عن (وحدة مزعومة) سيحققها، وعلى هذا النمط سرقت مقدرات بلادهم، وأبيدت شعوبهم وتحولت أحكامهم للحديد والنار، وحصرت معاني الأوطان في الذاتية المنفردة لكل واحد منهم فقط لا غير، إلى أن وصل شعبهم إلى الدرك الأسفل بين الأمم.

في هذا الوطن العزيز مرت بنا تحولات عالمية واقتصادية، سياسية ودبلوماسية، ثقافية واجتماعية، ونحمد الله كثيرا أن قيض لنا الملك عبدالعزيز الذي استطاع بمعية رجال الوطن المخلصين تحقيق أروع وحدة في التاريخ، لم يحققها نابليون ولا غريبالدي ولا سيمون بولي فار ولا حتى تشي غيفارا، رغم أنه لم يكن يملك دعاية أو إعلاما في ذلك الحين إلا ما ينقل من أخبار العدل والأمن تحت حكمه.

شتان بين عبدالعزيز وأولئك الحكام، فأولئك أفقروا بلادهم وعبدالعزيز أغنى بلاده، لذا يحق لنا اليوم أن نحتفل بيوم الوطن ونفخر بمؤسسه رحمه الله، ويجب علينا رسم مشاعر الحب التي تختلج ذواتنا لأرضنا الطيبة كصورة رائعة

تتجلى في فهم متطلبات المرحلة الحساسة التي تمر بنا، والتعاون لمحاربة الفساد فضلا عن عدم الولوغ فيه، والعطاء بلا حدود، وتقديم ما في الوسع من أجل غد أفضل لوطننا الغالي، ومد اليد لليد وشد الساعد بالساعد للعمل الجاد

من أجل مستقبل بناء نلمس كل يوم اقترابنا من تحقيقه، يحفزنا لكل ذلك فضل الله علينا بأن جعلنا أبناء لهذا الوطن الكريم، ويحفزنا وجود ولاة أمر انبروا بكل تفان وإخلاص لبناء وطن حديث وصناعة نهضة الإنسان فيه، وما

التاريخ الحافل بالخير والعطاء لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، والسجل المسطر بالحزم والعزم لولي العهد الأمين الأمير محمد بن سلمان إلا برهان واضح على أن في جبين الزمن وعلى أرض الوطن قادة يتقدمون

المواطنين في رسم ملامح المواطنة الصالحة الفاعلة من أجل هذا الكيان العزيز، فلهم منا في يوم وطننا تحية إجلال وتقدير، وباقة شكر وتبجيل، والتحية موصولة لكل مخلص معنا وبيننا ومنا يعمل من أجل هذا الوطن ورقيه وتقدمه وصلاحه وتطوره، وللوطن نجدد عهدا يلزمنا حمل أمانة (الوطن والمواطنة)، ودمت عزيزا يا وطني.

hq22222@